للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ جِزْيَةٌ وَعَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ عُمَرَ ضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ لِأَنَّهُ لَا يوضع عَنْهُ إِلَّا مَا مَضَى

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا عَلَى صِبْيَانِهِمْ وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ فَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِيهِ أَنَّ الْجِزْيَةَ إِنَّمَا تُضْرَبُ عَلَى الْبَالِغِينَ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا الْمَجُوسِ فِي نَخِلِهِمْ وَلَا كُرُومِهِمْ وَلَا زُرُوعِهِمْ وَلَا مَوَاشِيهِمْ صَدَقَةٌ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَطْهِيرًا لهم وردءا على فقرائهم ووضعت الجزية على أهل الكتاب صَغَارًا لَهُمْ

فَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَأَى تَضْعِيفَ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ دُونَ جِزْيَةٍ

وَهُوَ فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تضعيف الصدقة على بني تغلب دون جزية الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالُوا يُؤْخَذُ مِنْهُمُ كُلُّ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ مِثْلَاهَا حَتَّى فِي الرِّكَازِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِيهِ الْخُمُسَانِ وَمِمَّا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ فِيهِ الْعُشُرُ أُخِذَ فِيهِ عُشُرَانِ وَمَا أُخِذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُبُعُ الْعُشُرِ أُخِذَ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشُرِ وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَعَلَى نِسَائِهِمْ بِخَلَافِ الْجِزْيَةِ

وَقَالَ زُفَرُ لَا شَيْءَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ فِي أَمْوَالِهِمْ

وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ فِي بَنِي تَغْلِبَ شَيْءٌ مَنْصُوصٌ وَبَنِي تَغْلِبَ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّصَارَى سَوَاءً فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ

وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لَهُمْ لِئَلَّا يَنْظُرُوا أَجْنَاسَهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَا عَهْدَ لَهُمْ

كَذَلِكَ قَالَ داود بن كردوس

وهو راوية عُمَرَ فِي بَنِي تَغْلِبَ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي خَلَّادٌ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شعيب

<<  <  ج: ص:  >  >>