للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تستخدم لفظة "الملجأ" للدلالة على الجوار، يقال: التجأ إليه أي: اعتصم به، وألجأت أمري إلى اللَّه أسندت، والتلجئة الإكراه وألجأه إلى الشيء اضطره إليه وألجأه عصمه (١)، كقوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} (٢)، وقوله سبحانه: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٣).

وقد دلت السنة النبوية على جواز دخول المسلم في جوار الكفار، بل وعلى جواز طلب الجوار منهم، فعن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس في الموقف، فقال: (ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي) (٤)، كما دخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في جوار المُطعم بن عَدِي عندما رجع من الطائف (٥)، حتى


(١) انظر: لسان العرب، ومختار الصحاح، مادة: لجأ، والمصباح المنير، ٢/ ٥٥٠، وحق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، أ. د. أحمد أبو الوفا، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ط ١، ٢٠٠٩ م، ص ٢٦ - ٢٩.
(٢) سورة الشورى، الآية [٤٧].
(٣) سورة التوبة، الآية [١١٨].
(٤) أخرجه: أبو داود، كتاب السنة، باب في القرآن، رقم: ٤٧٣٤، وابن ماجه، رقم: ٢٠١، والترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم: ٢٩٢٥، وأحمد في المسند، ٣/ ٣٩٠، رقم: ١٥٢٢٩، وقال الهيثمي: "رجاله ثقات"، مجمع الزوائد، ٦/ ٣٥، وانظر: السيرة النبوية لابن هشام، ٢/ ٢٧٠.
(٥) انظر: فتح الباري، ٧/ ٣٢٤، والتمهيد ٩/ ١٥٠، وقيل: إنما قال ذلك مكافأة له لقيامه في شأن نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وبني المطلب، انظر: الجامع لأحكام القرآن، ٨/ ١٣، وكانت وفاة المطعم بن عدي في صفر سنة ثنتين من الهجرة قبل بدر بنحو سبعة أشهر، انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ١/ ٢٣٣.

<<  <   >  >>