للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَان فِي الصَّلَاة فَقَد كَان الْكَلَام قَبْل فِيهَا غَيْر مَمْنُوع والذي يَظْهَر وَيَتَرَجَّح فِي تأْوَيله عِنْدَه وعند غَيْرِه مِن الْمُحَقّقين عَلَى تَسْلِيمِه أَنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم كَان كَمَا أمَرَه ربه يُرَتّل الْقُرْآن تَرْتِيلًا وَيُفَصّل الآي تَفْصِيلًا فِي قِرَاءَتِه كَمَا رَوَاه الثّقَات عَنْه فَيُمْكِن تَرَصُّد الشَّيْطَان لِتِلْك السَّكَتَات وَدَسُّه فيها ما اختلفه من تِلْك الْكَلِمَات مُحَاكِيًا نَغْمَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم بَحَيْث يَسْمَعُه من دَنَا إليْه من الكفا فَظَنُّوها من قول النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأشَاعُوهَا وَلَم يَقْدَح ذَلِك عِنْد الْمُسْلِمِين بِحْفظ

السُّورَة قَبْل ذَلِك عَلَى مَا أنْزَلَهَا اللَّه وَتَحَقُّقِهم من حَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم فِي ذَمّ الْأَوْثَان وعيبها عُرِف مِنْه وَقَد حَكى مُوسَى بن عُقْبَة فِي مَغَازِيه نَحْو هَذَا، وَقَال إنّ الْمُسْلِمِين لَم يَسْمَعُوهَا وَإِنَّمَا ألْقَى الشَّيْطَان ذَلِك فِي أسْمَاع الْمُشْرِكِين وَقُلُوبِهِم وَيَكُون مَا رُوِي من حُزْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لهذه الإشَاعَة وَالشُّبْهَة وَسَبَب هَذِه الفِتْنَة وَقَد قَال الله تعالى (وما أرسلنا من قبلكم مِنْ رَسُولٍ وَلا نبى) الآيَة فَمَعْنَي تَمَنَّى: تلا، قَال اللَّه تَعَالَى: (لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ) أَي تِلَاوَة وَقَوْلُه (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشيطان) أَي يُذْهِبُه وَيُزِيِل اللَّبْس بِه وَيُحْكِم آياتِه، وَقِيل مَعْنَي الآيَة هُو مَا يَقَع لِلنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم مِن السَّهْو إذَا قَرَأ فَيَنْتَبِه لِذَلِك وَيَرْجع عَنْه وَهَذَا نَحْو قول الكلْبِيّ فِي الآيَة أنه حَدَّث نَفْسَه وَقَال إذَا تَمَنَّى أَي حَدَّث نَفْسَه، وَفِي رِوَايَة أَبِي بَكْر بن عَبْد الرَّحْمن نَحْوَه وَهَذَا السَّهْو فِي القِرَاءَة إنَّمَا يَصِحّ فِيمَا لَيْس طَرِيقُه تَغْيير المَعَانِي وتبديل الألفاظ


(قوله وَقَد حَكى مُوسَى بن عقبة) أي ابن أبى عباس وفى بعض النسخ محمد بن عقبة، وليس بصواب.
(*)