للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطابق للخارج، فالمخبر الكاذب الَّذي يعلم أنَّه كاذب قدر في نفسه تقديرًا مضاهيًا للعلم، فإن تقدير الموجود معدومًا، والمعدوم موجودًا في الأذهان واللسان أكثر من أن تحصر (١)، فمعنى خبره هو علم مقدر لا علم محقق أن (٢) مخبر الخبر في الخارج وجود مقدر لا وجود محقق، والمقدر ليس بمحقق لا في الذهن ولا في الخارج، لكن لما قدر هو أنَّه عالم قدر -أيضًا- وجود المخبر في الخارج، والمستمع لما اعتقد صدقه وحسب أنَّه صادق (٣) وأن لما قاله حقيقة، لم يظنه مقدرًا بل حسبه محققًا، وكل اعتقاد فاسد تقديرات (٤) ذهنية لا حقيقة لها في الخارج، وهي أخبار واعتقادات وإن لم تكن علومًا (٥)، لكن هي في الصورة من جنس المحقق، كما أن لفظ الكاذب من جنس لفظ الصادق، وخطه من جنس خطه، فهما متشابهان في الدلالة خطًا ولفظًا وعقدًا.

فكذلك أمر الممتحن، هو في الحقيقة ليس بطالب ولا مريدٍ أصلًا، بل هو مقدر لكونه طالبًا مريدًا، لأنه يظهر بتقدير ذلك من طاعة المأمور وامتثاله ما يظهر بتحقيقه، ثم إظهار ذلك هو من باب المعاريض قد يجوز ذلك، وقد لا يجوز، مثل أن يفهم المتكلم للمستمع معنى لم يرده المتكلم، واللفظ قد يدل عليه بوجه ولا يدل عليه بوجه، فمعناه في نفسه هو الَّذي لا يفهمه المستمع، ومفهوم المستمع شيء آخر، وكذلك الممتحن مدلول الصيغة في نفسه طلب مقدر (٦) وإرادة مقدرة، وبالنسبة


(١) في ط: يحصر.
(٢) في ط: لأن.
(٣) في س، ط: وحسبانه صادق.
(٤) في س: تقريرات.
(٥) في الأصل: معلومًا. وأثبت ما رأيته مناسبًا للكلام من: س، ط.
(٦) في الأصل: طلبًا مقدرًا. والمثبث من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>