للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيادة في الذمَّة، فتلك القرائن كتعجيل بعض الثمن، وتأخير بعضه، وكالمراوضة توحي بأن الهدف والغاية من عملية التَّورُّق هي تحصيلُ نقد حاضر مقابل زيادة في ذِمَّة المُتَوَرِّق، واتخذ البيع ستارًا لذلك.

ومن يطَّلع على كتاب (بيوع الآجال) في كتب المالكية يجد أن هذا الباب قد بُنِي على قاعدة من قواعد المذهب المالكي، وهي [سدّ الذرائع]. يقول ابنُ رشد: "أصل ما بُني عليه هذا الكتاب، الحكم بالذرائع، ومذهب مالك -رحمه الله- القضاء بها، والمنع منها" (١).

ولعل المالكية كرهوا التَّورُّق من هذا الباب، بمعنى أنهم كرهوه سدًّا للذريعة.

ولعلَّه يقال: إن بيعَ التَّورُّق مكروه أيضًا عند المالكية، بناءً على قاعدة [المدخلات والمخرجات] التي نصَّ عليها فقهاء المالكية. جاء في الفروق: "والأصل أن ينظرَ ما خرج من اليد، وما خرج إليها، فإن جاز التَّعامُل به صحّ وإلا فلا، ولا تعتبر أقوالهما، بل بأفعالهما فقط" (٢).

ومعنى هذه القاعدة: أن تقويم التَّعامُل بين طرفي الصَّفقة يتم من خلال النظر في مدخلاتها ومخرجاتها ككل، دون النظر إلى تفاصيل ما يدور بين طرفيها، فحقيقتها عدم اعتبار ما كان لغوًا من تصرفات العاقدين، بل الاعتبار مرتبط بالمحصّلة النهائية، فإذا كانت المحصلة النهائية نقدًا حاضرًا بزيادة في الذمَّة، فهي ربا، ولا عبرة بما توسَّط ذلك من عقود (٣).

ومما سبق يتَّضح أن التَّورُّق ممنوعٌ عند المالكية للأسباب التالية:

١ - نصوص فقهاء المالكية تدلُّ على الكراهة.


(١) المقدمات الممهدات لابن رشد (٢/ ٥٢٤).
(٢) الفروق للقرافي (٣/ ١٠٥٧).
(٣) انظر إلى شرح القاعدة في: التَّورُّق والتَّورُّق المنظم. سامي السويلم (٦٦).

<<  <   >  >>