للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- (منها): إذا وجد المحرم صيدًا وميتة؛ فإنه يأكل الميتة، نص عليه أحمد (١)؛ لأن في أكل الصيد ثلاث جنايات: صيده، وذبحه، وأكله، وأكل الميتة فيها جناية واحدة، وعلى هذا؛ فلو وجد لحم صيد ذبحه محرم وميته، فإنه يأكل لحم الصيد، قاله القاضي في "خلافه"، لأن كلًّا منهما فيه جناية واحدة، ويتميز الصيد بالاختلاف في كونه مذكى، وفي هذا نظر؛ فإن أكل الصيد جناية على الإحرام، ولهذا يلزمه بها الجزاء عند الحنفية، وهو مستغنى عن ذلك بالأكل من الميتة، ثم وجدت أبا الخطاب في "انتصاره" اختار أكل الميتة معللًا (٢) بما ذكرنا، ولو وجد بيض صيد؛ فظاهر كلام القاضي أنه يأكل الميتة ولا يكسره ويأكله لأن كسره جناية كذبح الصيد (٣).


(١) قال صالح في "مسائله" (١/ ٤٤٢/ ٤٣٩): "وسألته عن المحرم يضطر إلى الميتة والصيد؟ قال: يأكل الميتة".
ونحوه في "مسائل عبد اللَّه" (٢٤٣/ ٩٠٢)، و"مسائل ابن هانئ" (٢/ ١٣٤/ ١٧٥٤)، و"مسائل أبي داود" (ص ١٢٨).
(٢) في المطبوع: "وعلله".
(٣) الصحيح في هذه المسألة أنه يأكل الصيد؛ لأن تحريم الميتة لخبثها وتحريم الصيد لاحترامه، ومعلوم أن ما حرم لخبثه أشد مما حرم لاحترامه؛ لأن المحرم لخبثه يضرّ بعينه، ثم يقال: الصيد إذا اضطر الإنسان إليه؛ صار حلالًا، فإذا ذكاه كان ذبحه حلالًا؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "ما أنهر الدم؛ فكل" وثالثًا؛ إن النفس تتقزز من الميتة، وربما يموت الانسان جوعًا ولا يأكل الميتة، ولا تتقزز من الصيد. (ع).
قلت: ويمكن أن يُضاف إلى هذه الوجوه بأن يقال: الميتة تحريمُها تحريم مطلق في كل وقت، وأما الصيد، فمتعلق بوصف، ويزول بزوال كون الإنسان محرمًا، والتحريم الدائم أشد بكثير من التحريم المؤقّت أو المقيّد. =