للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ حُكْمًا فَلَا خَلَلَ فِي عِبَارَتِهِ فَاعْتَبَرُوا الْوَارِثَ بِالنَّظَرِ لِلْغَلَّةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ رَدُّوا بِالنَّظَرِ لِلْغَيْرِ وَإِنْ لَمْ تَنْفُذْ لِوَارِثِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ لَهُ بَلْ لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ فَافْهَمْ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: أَيْ حُكْمًا) اعْلَمْ أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَإِ، وَهُوَ قَوْلُ مَدْلُولِ أَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ مُفَسَّرٌ بِالْإِرْثِ حُكْمًا، وَحُكْمًا تَمْيِيزٌ عَنْ الْإِرْثِ الْمُقَدَّرِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إرْثٌ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُقْسَمُ كَالْإِرْثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ: مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ الثُّلُثُ وَقْفٌ وَالْبَاقِي مِلْكٌ (قَوْلُهُ: فَلَا خَلَلَ فِي عِبَارَتِهِ) أَيْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيِّ، وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْبَحْرِ هِيَ عِبَارَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِمَا مَرَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الثُّلُثَيْنِ مِلْكٌ وَالثُّلُثَ وَقْفٌ، وَأَنَّ غَلَّةَ الثُّلُثِ تُقْسَمُ عَلَى الْوَرَثَةِ مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَى عِبَارَةِ الْبَزَّازِيِّ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ: فَهِيَ إرْثٌ وَجَوَابُهُ مَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهَا إرْثٌ حُكْمًا: أَيْ حِصَّةُ الْوَقْفِ فَقَطْ. وَالثَّانِي قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ صَارَ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّ الَّذِي يَصِيرُ لِلنَّسْلِ هُوَ الثُّلُثُ الْمَوْقُوفُ، أَمَّا الثُّلُثَانِ فَهُمْ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ حَيْثُ لَمْ يُجْبَرُوا. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فَهِيَ إرْثٌ رَاجِعٌ إلَى غَلَّةِ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ، وَكَذَا ضَمِيرُ قَوْلِهِ صَارَ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ، أَوْ يُقَالُ مُرَادُهُ مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ كُلُّهَا وَقْفًا وَحَيْثُ لَمْ يُجِيزُوا تُقْسَمُ غَلَّتُهَا كَالْإِرْثِ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ تَصِيرُ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا: وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ فَهُوَ كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ صَارَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَإِلَّا فَمِقْدَارُ مَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ يَصِيرُ وَقْفًا تُقْسَمُ جَمِيعُ غَلَّةِ الْوَقْفِ مَا جَازَ فِيهِ الْوَقْفُ، وَمَا لَمْ يَجُزْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمْ فِي الْأَحْيَاءِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ تُصْرَفُ غَلَّةُ الْأَرْضِ إلَى الْفُقَرَاءِ إنْ لَمْ يُوصِ الْوَاقِفُ إلَى وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ وَبَقِيَ الْآخَرُونَ فَإِنَّ الْمَيِّتَ فِي قِسْمَةِ الْغَلَّةِ مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ أَحْيَاءً كَأَنَّهُ حَيٌّ، فَيُقْسَمُ ثُمَّ يُجْعَلُ سَهْمُهُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ الَّذِينَ لَا حِصَّةَ لَهُمْ مِنْ الْوَقْفِ. اهـ.

بَقِيَ لَوْ وَقَفَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَلَمْ تُجِزْ فَفِي الْبَحْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي وَقْفٌ، لِمَا فِي وَصَايَا الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ لِرَجُلٍ، فَإِنْ أَجَازَتْ فَالْكُلُّ لَهُ، وَإِلَّا فَالسُّدُسُ لَهَا وَخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ لَهُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الثُّلُثَ أَوَّلًا بَقِيَ أَرْبَعَةٌ تَأْخُذُ الرُّبْعَ وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ لَهُ فَحَصَلَ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ سِتَّةٍ اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَقْفَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ اهـ (قَوْلُهُ: فَاعْتَبَرُوا الْوَارِثَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا وَقَفَ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْآخَرُ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا وَاتُّبِعَ الشَّرْطُ وَإِلَّا كَانَ الثُّلُثَانِ مِلْكًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثُّلُثُ وَقْفًا مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْبَعْضِ لَا تَنْفُذُ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لِغَيْرِهِ فَاعْتُبِرَ الْغَيْرُ بِالنَّظَرِ إلَى ثُلُثٍ وَاعْتُبِرَ الْوَارِثُ بِالنَّظَرِ إلَى غَلَّةِ الثُّلُثِ الَّذِي صَارَ وَقْفًا فَلَا يُتْبَعُ الشَّرْطُ مَا دَامَ الْوَارِثُ حَيًّا وَإِنَّمَا تُقْسَمُ غَلَّةُ هَذَا الثُّلُثِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا انْقَرَضَ الْوَارِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ فِي غَلَّةِ الثُّلُثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالنَّظَرِ لِلْغَلَّةِ) وَلِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَسَمُوهَا كَالثُّلُثَيْنِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ الْوَارِثَ أَيْ وَاعْتَبَرُوا الْوَصِيَّةَ بِالنَّظَرِ لِلْغَيْرِ وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَاعْتَبَرُوا الْغَيْرَ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَصِيَّةِ أَيْ إلَى لُزُومِهَا ط (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَدُّوا) أَيْ الْوَرَثَةُ أَيْ بَقِيَّتُهُمْ ط، وَكَذَا لَوْ رَدَّ كُلُّهُمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَنْفُذْ لِوَارِثِهِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: لِعَدَمِ نَفَاذِهَا لِلْوَارِثِ، وَيَكُونُ عِلَّةً لِقَوْلِهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالنَّظَرِ لِلْغَيْرِ يَعْنِي إنَّمَا اُعْتُبِرَ الْغَيْرُ فِي لُزُومِ الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ نَفَاذِهَا لِلْوَارِثِ ط (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ لَهُ) غَلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَاعْتَبَرُوا الْوَصِيَّةَ ح (قَوْلُهُ: فَافْهَمْ) أَمْرٌ بِالْفَهْمِ لِدِقَّةِ الْمَقَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>