للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ، وَالْأَخْذُ بِقَوْلِ الثَّانِي أَحْوَطُ وَأَسْهَلُ بَحْرٌ وَفِي الدُّرَرِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَبِهِ يُفْتَى وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَإِذَا وَقَّتَهُ) بِشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ (بَطَلَ) اتِّفَاقًا دُرَرٌ وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ عَادَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِوَرَثَةِ الْوَاقِفِ بِهِ يُفْتِي فَتْحٌ. قُلْت: وَجَزَمَ فِي الْخَانِيَّةِ بِصِحَّةِ الْمَوْقُوفِ مُطْلَقًا فَتَنَبَّهْ وَأَقَرَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ

(فَإِذَا تَمَّ وَلَزِمَ

ــ

[رد المحتار]

يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِتَأَبُّدِهِ مَسْجِدٌ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقِيلَ يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى مُلْهِمِ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ) مَعَ التَّصْرِيحِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ أَوْجَهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.

(قَوْلُهُ: بَطَلَ اتِّفَاقًا) هَذَا إذَا شُرِطَ رُجُوعُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا عِنْدَ الْخَصَّافِ صَحِيحٌ مُؤَبَّدٌ عِنْدَ هِلَالٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ اعْتِمَادُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا فَهُوَ مِثْلُ مَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ، فَيَصِحُّ عِنْدَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ لَفْظَ صَدَقَةٍ يُفِيدُ التَّأْبِيدَ فَيَلْغُو التَّوْقِيتُ، أَمَّا إذَا شُرِطَ رُجُوعُهُ إلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ، فَقَدْ أَبْطَلَ التَّأْبِيدَ فَيَبْطُلُ الْوَقْفُ، نَعَمْ ذُكِرَ فِي الْإِسْعَافِ عَنْ هِلَالٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ مَوْتِي سَنَةً يَصِحُّ مُؤَبَّدًا إلَّا إذَا قَالَ فَإِذَا مَضَتْ السَّاعَةُ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ فَهُوَ كَمَا شُرِطَ فَتَصِيرُ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ سَنَةً وَالْأَرْضُ مِلْكٌ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ بِاشْتِرَاطِ الْبُطْلَانِ خَرَجَتْ مِنْ الْوَقْفِ الْمُضَافِ اللَّازِمِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى الْوَصِيَّةِ الْمَحْضَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ) أَيْ مَقْرُونًا بِلَفْظِ صَدَقَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا كَمَا حَقَّقْنَاهُ قَرِيبًا، ثُمَّ إنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ بِنَاؤُهُ عَلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ الْمُوَقَّتِ، بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّتِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ بَلْ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِذَا وَقَّتَهُ لِيَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى أَبِي يُوسُفَ، لَكِنَّهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْمَشَايِخِ، وَلِمَا فِي الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَعُودُ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ مُوَقَّتًا لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى، وَالتَّأْبِيدُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ فَلِذَا أَفَادَ فِي النَّهْرِ ضَعْفَ مَا هُنَا وَإِنْ نُقِلَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْأَجْنَاسِ أَنَّهُ بِهِ يُفْتِي (قَوْلُهُ: قُلْت وَجَزَمَ فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الدُّرَرِ بَطَلَ اتِّفَاقًا، وَعِبَارَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَقُولُ: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْ الدُّرَرِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ دَارِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ جَازَ الْوَقْفُ وَيَكُونُ وَقْفًا أَبَدًا. اهـ.

قُلْت: وَعَلَى مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الدُّرَرِ لَا يَرِدُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ إلَيْهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِقَوْلِ الشَّارِحِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفَسِّرُ الْإِطْلَاقَ بَلْ رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ شَرِطَ رُجُوعُهُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَبْطُلُ اتِّفَاقًا كَمَا عَلِمْت، وَقَدْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ عَقِبَ عِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ شَهْرًا فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا فِي كُلِّ هِلَالٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَبَّدًا، فَإِذَا كَانَ التَّأْبِيدُ شَرْطًا لَا يَجُوزُ مُؤَقَّتًا اهـ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ هِلَالٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ بَاطِلٌ مُطْلَقًا كَمَا عَلِمْت آنِفًا، وَقَيَّدَ الصِّيغَةَ بِقَوْلِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِأَنَّهُ بِدُونِ لَفْظِ صَدَقَةٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَفَ دَارِهِ يَوْمًا لَيْسَ صِيغَةَ الْوَقْفِ بَلْ حِكَايَةً عَنْ صِيغَةِ قَوْلِ الْوَاقِفِ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ وَنَحْوُهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا تَمَّ وَلَزِمَ) لُزُومُهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمَارَّةِ عِنْدَهُمَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ، وَلَكِنَّهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْإِفْرَازِ وَالتَّأْبِيدِ لَفْظًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِالتَّأْبِيدِ فَقَطْ وَلَوْ مَعْنَى كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>