للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا بَيْعُهُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (فَيَصِحُّ اسْتِقْرَاضُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَكَذَا) كُلُّ (مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ مُتَقَارِبًا فَصَحَّ اسْتِقْرَاضُ جَوْزٍ وَبَيْضٍ) وَكَاغَدٍ عَدَدًا (وَلَحْمٍ) وَزْنًا وَخُبْزٍ وَزْنًا وَعَدَدًا كَمَا سَيَجِيءُ (اسْتَقْرَضَ مِنْ الْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ وَالْعِدَالَيْ فَكَسَدَتْ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةً) وَ (لَا) يَغْرَمُ (قِيمَتَهَا) وَكَذَا كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِمِثْلِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِغَلَائِهِ وَرُخْصِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَجَعَلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا قَوْلَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الثَّانِي عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَعِنْدَ الثَّالِثِ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ يَوْمِ رَوَاجِهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ إلَخْ) عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ الْقَرْضُ لَمْ يَجُزْ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِعَدَمِ الْحِلِّ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ كَبَيْعٍ فَاسِدٍ اهـ فَقَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَعْنَى يَصِحُّ لَا بِمَعْنَى يَحِلُّ إذَا لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْفَاسِدَ يَجِبُ فَسْخُهُ وَالْبَيْعُ مَانِعٌ مِنْ الْفَسْخِ فَلَا يَحِلُّ كَمَا لَا يَحِلُّ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْفَسْخِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَكَاغِدٍ) أَيْ قِرْطَاسٍ، وَقَوْلُهُ: عَدَدًا قَيْدٌ لِلثَّلَاثَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَاغِدِ ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، ثُمَّ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكَاغِدِ عَدَدًا لِأَنَّهُ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ اهـ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ نَوْعُهُ وَصِفَتُهُ.

(قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي بَابِ الرِّبَا حَيْثُ قَالَ: وَيُسْتَقْرَضُ الْخُبْزُ وَزْنًا وَعَدَدًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ابْنُ مَالِكٍ وَاسْتَحْسَنَهُ الْكَمَالُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ تَيْسِيرًا اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَا عَدَدًا وَلَا وَزْنًا وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ: الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَعَلَيْهِ أَفْعَالُ النَّاسِ جَارِيَةٌ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ اهـ مُلَخَّصًا وَنُقِلَ فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالْكَافِي: أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ اسْتِقْرَاضِهِ وَزْنًا لَا عَدَدًا وَهُوَ قَوْلُ الثَّانِي اهـ وَلَعَلَّهُ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْمَعْرُوفِ وَسَيُذْكَرُ اسْتِقْرَاضُ الْعَجِينِ وَالْخَمِيرَةِ.

(قَوْلُهُ وَالْعَدَالِيِّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ: وَهِيَ الدَّرَاهِمُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الْعَدَالِيِّ، وَكَأَنَّهُ اسْمُ مَلِكٍ نُسِبَ إلَيْهِ دِرْهَمٌ فِيهِ غِشٌّ كَذَا فِي صَرْفِ الْبَحْرِ عَنْ الْبِنَايَةِ.

قُلْت: وَالْمُرَادُ بِهَا دَرَاهِمُ غَالِيَةُ الْغِشِّ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ بَدَلَ لَفْظِ الْعَدَالِيِّ، لِأَنَّ غَالِبَةَ الْغِشِّ فِي حُكْمِ الْفُلُوسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا إنَّمَا صَارَتْ ثَمَنًا بِالِاصْطِلَاحِ عَلَى ثَمَنِيَّتِهَا فَتَبْطُلُ ثَمَنِيَّتُهَا بِالْكَسَادِ، وَهُوَ تَرْكُ التَّعَامُلِ بِهَا بِخِلَافِ مَا كَانَتْ فِضَّتُهَا خَالِصَةً أَوْ غَالِبَةً، فَإِنَّهَا أَثْمَانٌ خِلْقَةً فَلَا تَبْطُلُ ثَمَنِيَّتُهَا بِالْكَسَادِ كَمَا حَقَّقْنَاهُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَصَحَّ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةً) أَيْ إذَا هَلَكَتْ وَإِلَّا فَيَرُدُّ عَيْنَهَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي صَرْفِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِغَلَائِهِ وَرُخْصِهِ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْكَسَادِ، وَهُوَ تَرْكُ التَّعَامُلِ بِالْفُلُوسِ وَنَحْوِهَا كَمَا قُلْنَا، وَالْغَلَاءُ وَالرُّخْصُ غَيْرُهُ، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى اتِّحَادِ الْحُكْمِ فَصَحَّ التَّفْرِيعُ تَأَمَّلْ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي دَانِقَ حِنْطَةٍ فَأَقْرَضَهُ رُبْعَ حِنْطَةٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ وَإِذَا اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ أَفْلَسَ، ثُمَّ كَسَدَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الْفِضَّةِ يُسْتَحْسَنُ ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَقْرَضَ دَانِقَ فُلُوسٍ أَوْ نِصْفَ دِرْهَمِ فُلُوسٍ، ثُمَّ رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُ عَدَدِ الَّذِي أَخَذَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ غَلَّةٍ بِدِينَارٍ، فَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى غَلَاءِ الدَّرَاهِمِ، وَلَا إلَى رُخْصِهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ فَالْقَرْضُ فِيهِ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ مَا يُعَدُّ مِنْ الْبَيْضِ وَالْجَوْزِ اهـ وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً فَأَعْطَى مِثْلَهَا بَعْدَمَا تَغَيَّرَ سِعْرُهَا يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْقَبُولِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا.

(قَوْلُهُ وَعِنْدَ الثَّانِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّاحِبَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ رَدِّ الْقِيمَةِ دُونَ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ وَصْفُ الثَّمَنِيَّةِ بِالْكَسَادِ تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهَا كَمَا قَبَضَهَا فَيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهَا، وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ اخْتِيَارُ قَوْلِهِمَا فَتْحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>