للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَ الْمُسَخَّرُ كَمَا سَيَجِيءُ (أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا) لَا مَحَالَةَ، فَلَوْ شَرَى أَمَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهَا زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَرَادَ رَدَّهَا بِعَيْبِ الزَّوَاجِ لَمْ يُقْبَلْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَزَالَ الْعَيْبُ، ابْنُ كَمَالٍ (لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ) مِثَالُهُ (كَمَا إذَا) ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ (وَبَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (عَلَى ذِي الْيَدِ أَنَّهُ الْمُشْتَرِي) الدَّارَ (مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ) الْحَاكِمُ (عَلَى) ذِي الْيَدِ (الْحَاضِرِ كَانَ) ذَلِكَ (حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ) أَيْضًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ لَمْ يُعْتَبَرْ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْمَالِكِ سَبَبُ الْمِلْكِيَّةِ لَا مَحَالَةَ وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ ذَكَرَ مِنْهَا فِي الْمُجْتَبَى تِسْعًا وَعِشْرِينَ.

(وَلَوْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا) لِمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْحَاضِرِ كَمَا إذَا ادَّعَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِتَطْلِيقِ زَوْجَةِ زَيْدٍ وَبَرْهَنَ عَلَى التَّطْلِيقِ بِغَيْبَةِ زَيْدٍ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: خَرَجَ الْمُسَخَّرُ) هُوَ مَنْ يُنَصِّبُهُ الْقَاضِي لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ قَرِيبًا أَيْ مُمَاثِلًا لِمَا يَأْتِي مِنْ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ الضَّرُورَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ قِيَامُهُ عَنْهُ حُكْمًا لِأَمْرٍ لَازِمٍ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: سَبَبًا لَا مَحَالَةَ) أَيْ لَا تَحَوُّلَ لَهُ عَنْ السَّبَبِيَّةِ فَاحْتُرِزَ بِكَوْنِهِ سَبَبًا عَمَّا يَكُونُ شَرْطًا، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَبِقَوْلِهِ لَا مَحَالَةَ عَمَّا يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَعَمَّا لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِالْبَقَاءِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى، فَمَا يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ، وَبَيَانُهُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْوَكِيلُ بِنَقْلِ الْعَبْدِ إلَى مَوْلَاهُ أَوْ بِنَقْلِ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا فَإِذَا بَرْهَنَ الْعَبْدُ أَنَّهُ حَرَّرَهُ أَوْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا يُقْبَلُ فِي حَقِّ قَصْرِ يَدِ الْحَاضِرِ لَا فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنَّ الْمُدَّعَى هُنَا عَلَى الْغَائِبِ، وَهُوَ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَيْسَ سَبَبًا لَا مَحَالَةَ لِمَا يُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ، وَهُوَ قَصْرُ يَدِهِ بِانْعِزَالِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَقَّقُ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ بِدُونِ انْعِزَالِ وَكِيلٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ وَكَالَةٌ أَصْلًا وَقَدْ يَتَحَقَّقُ مُوجِبًا لِانْعِزَالٍ بِأَنْ كَانَ بَعْدَ الْوَكَالَةِ فَلَيْسَ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ حُكْمًا أَصْلِيًّا لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ سَبَبًا لِحَقِّ الْحَاضِرِ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَكُونُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا قَبِلْنَا الْبَيِّنَةَ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ بِقَصْرِ يَدِهِ وَانْعِزَالِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِالْبَقَاءِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى، فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَبَيَانُهُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا مَا لَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ غَائِبٍ حِينَ أَرَادَ الْبَائِعُ فَسْخَ الْبَيْعِ لِلْفَسَادِ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ فِي الْفَسْخِ وَلَا فِي حَقِّ الْغَائِبِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْبَيْعِ لَيْسَ سَبَبًا لِبُطْلَانِ حَقِّ الْفَسْخِ لِجَوَازِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ الْغَائِبِ، ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَهِدُوا بِبَقَاءِ وَقْتِ الدَّعْوَى لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ نَفْسِ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْبَقَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ تَبَعٌ لِلِابْتِدَاءِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ شَرَى أَمَةً) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا مَحَالَةَ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ كَانَ مَا يُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا بِأَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَى أَمَةً إلَخْ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَا يُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا إلَخْ لِيَكُونَ ذِكْرُ مُحْتَرِزِ الْقُيُودِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ بُرْهَانُهُ لَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَلَا فِي حَقِّ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى شَيْئَانِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْحَاضِرِ وَالنِّكَاحُ عَلَى الْغَائِبِ، وَالثَّانِي لَيْسَ سَبَبًا لِلْأَوَّلِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْبَقَاءِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى الْبَقَاءِ أَيْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ لِلْحَالِ لَا يُقْبَلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ تَبَعُ الِابْتِدَاءِ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: مِثَالُهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِإِغْنَاءِ الْكَافِ عَنْهُ اهـ ح.

(قَوْلُهُ: مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ) زَادَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ يَمْلِكُهَا أَيْ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الشِّرَاءِ لَا يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَهُوَ فُضُولِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْمِلْكِ) هَذَا هُوَ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ.

(قَوْلُهُ: سَبَبُ الْمِلْكِيَّةِ) أَيْ وَالْمِلْكِيَّةُ هُنَا هِيَ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرَةِ مَطْلَبٌ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَكُونُ الْقَضَاءُ فِيهَا عَلَى الْحَاضِرِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ.

(قَوْلُهُ: تِسْعًا وَعِشْرِينَ) قَالَ فِي الْمِنَحِ وَفِي الْمُجْتَبَى بَعْدَ أَنْ عَلَّمَ بِعَلَامَةِ شَطْبٍ كُلُّ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ حَقٌّ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ إلَّا بِالْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَالْقَضَاءُ عَلَى الْحَاضِرِ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>