للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَرِدُّ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مَا أَعْطَى) إذْ لَا هِبَةَ فَلَا عِوَضَ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ أَحَدُهُمَا مَا بَعَثَهُ الْآخَرُ ضَمِنَهُ، لِأَنَّ مَنْ اسْتَهْلَكَ الْعَارِيَّةَ ضَمِنَهَا خَانِيَّةٌ

(هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَإِبْرَاؤُهٌ عَنْهُ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ) إذْ لَمْ يُوجِبْ انْفِسَاخَ عَقْدِ صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ لَكِنْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ، وَقِيلَ: يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ لَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى افْتَرَقَا ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ رَدَّ لَا يَرْتَدُّ فِي الصَّحِيحِ لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى: الْأَصَحُّ أَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ، وَالْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ

(تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا) فِي ثَلَاثٍ: حَوَالَةٌ، وَصِيَّةٌ، وَ (إذَا سَلَّطَهُ) أَيْ سَلَّطَ الْمُمَلِّكُ غَيْرَ الْمَدْيُونِ (عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (فَيَصِحُّ) حِينَئِذٍ وَمِنْهُ مَا لَوْ وَهَبَتْ مِنْ ابْنِهَا مَا عَلَى أَبِيهِ فَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ لِلتَّسْلِيطِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ: دَارِي هَذِهِ لَك عُمْرَى تَسْكُنُهَا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، فَهِيَ هِبَةٌ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: طَعَامِي هَذَا لَك تَأْكُلُهُ وَهَذَا الثَّوْبُ لَك تَلْبَسُهُ، وَإِنْ قَالَ: وَهَبْت لَك هَذَا الْعَبْدَ حَيَاتَك وَحَيَاتَهُ، فَقَبَضَهُ فَهِيَ هِبَةٌ جَائِزَةٌ وَقَوْلُهُ: حَيَاتَك، بَاطِلٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعُمْرَتِك دَارِي هَذِهِ حَيَاتَك أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُكَهَا حَيَاتَك فَإِذَا مِتَّ فَهِيَ لِي، وَإِذَا مِتُّ أَنَا فَهِيَ لِوَارِثِي وَكَذَا لَوْ قَالَ: هُوَ هِبَةٌ لَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك وَإِنْ قَالَ: أَسْكَنْتُك دَارِي هَذِهِ حَيَاتَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك فَهِيَ عَارِيَّةٌ وَإِنْ قَالَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك فَهِيَ هِبَةٌ لَهُ، وَذِكْرُ الْعَقِبِ لَغْوٌ اهـ. .

(قَوْلُهُ: فَلَا عِوَضَ) لِأَنَّهَا إنَّمَا قُصِدَتْ التَّعْوِيضَ عَنْ هِبَةٍ فَلَمَّا ادَّعَى الْعَارِيَّةَ وَرَجَعَ لَمْ يُوجَدْ التَّعْوِيضُ فَلَهَا الرُّجُوعُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ ح (قَوْلُهُ: عَقْدِ صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ) لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فِي السَّلَمِ وَالصَّرْفِ لِكَوْنِهِ مُوجِبًا لِلْفَسْخِ فِيهِمَا لَا لِكَوْنِهِ هِبَةً مِنَحٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرْتَدُّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَإِنْ تَمَّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ لَكِنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ ح. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: الْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى: إذْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ: عَلَيْهِ فَرَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ، وَكَذَا إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ: أَبْرِئْنِي، فَأَبْرَأهُ، وَكَذَا إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ، وَقِيلَ: يَرْتَدُّ. الرَّابِعَةُ: إذَا قَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْإِسْقَاطِ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْمِيمِ يَعْنِي، وَإِنَّمَا صَحَّ الرَّدُّ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ؛ إذْ التَّمْلِيكُ الْمَحْضُ يَتَقَيَّدُ رَدُّهُ بِالْمَجْلِسِ، وَلَيْسَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ: يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، لِمَا عَلِمْت أَنَّ عِلَّتَهُ مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ فَتَنَبَّهْ ح (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى تَضْعِيفِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى جَعْلِهِمْ كُلًّا مِنْ الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ إسْقَاطًا مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكًا مِنْ وَجْهٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ ح.

(قَوْلُهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ قَالَ فِي الْهَامِشِ: فَمَنْ قَالَ بِالتَّمْلِيكِ يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ إسْقَاطٌ) وَمَنْ قَالَ لِلْإِسْقَاطِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنَحٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ وَقَبَضَهُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ إلَّا إذَا وَهَبَهُ وَأُذِنَ لَهُ بِقَبْضِهِ جَازَ صَكٌّ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ حِينَ قَبَضَهُ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِقَبْضِهِ اهـ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، رَمْلِيٌّ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ عَنْ الْآمِرِ، ثُمَّ أَصِيلًا فِي الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ. وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ عَزْلِهِ عَنْ التَّسْلِيطِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِذَا قَبَضَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ الْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَمَلَكَ الِاسْتِبْدَالَ، وَإِذَا نَوَى فِي ذَلِكَ التَّصَدُّقَ بِالزَّكَاةِ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ اهـ (قَوْلُهُ مَا عَلَى أَبِيهِ) أَيْ وَأَمَرَتْهُ بِالْقَبْضِ بَزَّازِيَّةٌ مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلتَّسْلِيطِ) أَيْ إذَا سَلَّطَتْهُ عَلَى الْقَبْضِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَمِنْهُ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَهَبَتْ الْمَهْرَ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ الَّذِي مِنْ هَذَا الزَّوْجِ، الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إلَّا إذَا سَلَّطَتْ وَلَدَهَا عَلَى الْقَبْضِ فَيَجُوزُ وَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَلَدِ إذَا قَبَضَ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلتَّسْلِيطِ أَيْ التَّسْلِيطِ صَرِيحًا لَا حُكْمًا كَمَا فَهِمَهُ السَّائِحَانِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ لِيَنْظُرَ فِيمَا إذَا كَانَ الِابْنُ لَا يَعْقِلُ، فَإِنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ لِأَبِيهِ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَفْرِزَ الْأَبُ قَدْرَ الْمَهْرِ وَيَقْبِضَهُ لِابْنِهِ أَوْ يَكْفِي قَبُولُهُ كَمَا فِي هِبَةِ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ) فَلَوْ دَفَعَ لِلْمُوَكِّلِ عَنْ دَيْنِ الْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>