للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُهَا) فَسَدَتْ إلَّا أَنْ يَعُمَّ، بِخِلَافِ الدَّارِ لِوُقُوعِهِ عَلَى السُّكْنَى كَمَا مَرَّ، وَإِذَا فَسَدَتْ، (فَزَرَعَهَا فَمَضَى الْأَجَلُ) عَادَ صَحِيحًا (فَلَهُ الْمُسَمَّى) اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ لِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ بِالزِّرَاعَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ.

قُلْتُ: فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ فَمَضَى الْأَجَلُ كَقَاضِي خَانْ فِي شَارِحِ الْجَامِعِ لَكَانَ أَوْلَى

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّ حَمْلَهُ فَحَمَّلَهُ الْمُعْتَادَ فَهَلَكَ) الْحِمَارُ (لَمْ يَضْمَنْ) لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ، فَالْعَيْنُ أَمَانَةٌ كَمَا فِي الصَّحِيحَةِ (فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْمُسَمَّى) لِمَا مَرَّ فِي الزِّرَاعَةِ (فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الزَّرْعِ) فِي مَسْأَلَةِ الزِّرَاعَةِ (أَوْ الْحَمْلِ) فِي مَسْأَلَتِنَا (فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ دَفْعًا لِلْفَسَادِ) لِقِيَامِهِ بَعْدُ.

(اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ جَحَدَ الْإِجَارَةَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا رَكِبَ قَبْلَ الْإِنْكَارِ، وَلَا يَجِبُ لِمَا بَعْدَهُ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ صَارَ غَاصِبًا وَالْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ الْمُسَمَّى دُرَرٌ وَكَأَنَّهُ

ــ

[رد المحتار]

الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُهَا) أَيْ أَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُ. (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ أَوَّلَ بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَأَرْضٌ لِلزِّرَاعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَادَ صَحِيحًا) كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْغُرَرِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْمِنَحِ: وَاعْتَرَضَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ بَلْ إذَا زَرَعَ ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ اهـ.

أَقُولُ: إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى، فَإِنَّهُ لَوْ بَقِيَ فَاسِدًا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ) أَيْ يَعُودُ صَحِيحًا، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَمَنْشَأُ الِاعْتِرَاضِ زِيَادَةُ قَوْلِهِ عَادَ صَحِيحًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُ فِي تَقْرِيرِ شَرْحِ مَتْنِهِ فَكَانَ مُرَادًا لَهُ.

وَقَدْ يُدْفَعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ عَوْدَهُ صَحِيحًا بَعْدَ الزَّرْعِ وَمُضِيِّ الْأَجَلِ صَحِيحٌ أَيْ بَعْدَ مَجْمُوعِ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَ عَوْدِهِ صَحِيحًا عَلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ، وَقَوْلُ الْعِنَايَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ بِنَقْضِ الْحَاكِمِ مِمَّا لَا تَقْبَلُهُ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ مِنْ الْأَصْلِ بِنَقْضِ الْحَاكِمِ فَكَيْفَ يَتِمُّ بِهِ وَتَمَامُ الشَّيْءِ مِنْ آثَارِ بَقَائِهِ طُورِيٌّ. (قَوْلُهُ كَقَاضِي خَانْ) وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ زَرَعَهَا فَلَهُ مَا سَمَّى مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ جَائِزًا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً عَلَى حِسَابِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْفَسَادُ كَانَ لِأَجْلِ الْجَهَالَةِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ كَانَ الِارْتِفَاعُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ كَالِارْتِفَاعِ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ فَيَعُودُ جَائِزًا.

(قَوْلُهُ فَحَمَّلَهُ الْمُعْتَادَ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَيَضْمَنُ إنْ هَلَكَ كَمَا فِي الأتقاني. (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ إلَخْ) كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْمِنَحِ، وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الزِّرَاعَةِ) أَيْ مِنْ ارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِمُجَرَّدِ حَمْلِ الْمُعْتَادِ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى بَغْدَادَ وَبِهِ صَرَّحَ الأتقاني، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَنْ يَرْكَبُهَا فَسَدَتْ لِلْجَهَالَةِ وَتَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِرُكُوبِهَا اهـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْهِدَايَةِ آنِفًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فُسِخَتْ) أَيْ أَبْطَلَهَا الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ يَجِبُ نَقْضُهُ وَإِبْطَالُهُ ذَخِيرَةٌ. (قَوْلُهُ دَفْعًا لِلْفَسَادِ) الْأَوْلَى رَفْعًا بِالرَّاءِ مَكَانِ دَفْعًا بِالدَّالِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ قَائِمٌ يَحْتَاجُ إلَى الرَّفْعِ لَا غَيْرُ قَائِمٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الدَّفْعِ فَافْهَمْ إتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ لِقِيَامِهِ بَعْدُ) أَيْ فِي الْحَالِ ط.

(قَوْلُهُ وَالْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ) أَيْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْجُحُودِ مَعَ ضَمَانِ الدَّابَّةِ لَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْجُحُودِ ح.

قُلْتُ: وَأَمَّا أَجْرُ مَا قَبْلَ الْجُحُودِ فَيَجِبُ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَهُ وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمَا لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ الْمُسَمَّى) أَيْ إنْ سَلِمَتْ الدَّابَّةُ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّهُ سَلِمَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَشُرُوحِ الْمَجْمَعِ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ وَنَظَائِرَهَا تُؤَيِّدُ مَا قَالَ ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>