للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ دِينِهِمْ وَقِيمَتِهِمْ وَالْأَطْرَافُ كَالْأَمْوَالِ قُلْت: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، لَكِنْ فِي الْوَاقِعَاتِ: لَوْ قَطَعَتْ الْمَرْأَةُ يَدَ رَجُلٍ كَانَ لَهُ الْقَوَدُ لِأَنَّ النَّاقِصَ يُسْتَوْفَى بِالْكَامِلِ إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْحَقِّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَلَا بَيْنَ عَبْدَيْنِ وَأَقَرَّهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبُرْجُنْدِيُّ.

(وَطَرَفُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ سِيَّانِ) لِلتَّسَاوِي فِي الْأَرْشِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ مَنْ يُقْتَلُ بِهِ يُقْطَعُ بِهِ وَمَا لَا فَلَا

(وَ) لَا فِي (قَطْعِ يَدٍ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ) لِمَا مَرَّ (وَ) لَا فِي (جَائِفَةٍ بَرِئَتْ) فَلَوْ لَمْ تَبْرَأْ، فَإِنْ سَارِيَةً يُقْتَصُّ وَإِلَّا يُنْتَظَرُ الْبُرْءُ أَوْ السِّرَايَةُ ابْنُ كَمَالٍ (وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ) وَلَوْ مِنْ أَصْلِهِمَا بِهِ يُفْتَى شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ.

قُلْت: لَكِنْ جَزَمَ قَاضِي خَانَ بِلُزُومِ الْقِصَاصِ، وَجَعَلَهُ فِي الْمُحِيطِ قَوْلُ الْإِمَامِ. وَنَصُّهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:

ــ

[رد المحتار]

وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرَفِ مَا دُونَ النَّفْسِ فَيَشْمَلُ السِّنَّ وَالْعَيْنَ وَالْأَنْفَ وَنَحْوَهَا، وَهُوَ مُفَادُ الدَّلِيلِ الْآتِي. وَفِي الْكِفَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى - {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ} [المائدة: ٤٥]- مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ مَوَاضِعَ النِّزَاعِ. قُلْنَا: قَدْ خُصَّ مِنْهُ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ وَالْعَامُّ إذَا خُصَّ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ اهـ.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ: قِيلَ لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فِي الشِّجَاجِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْقِيمَةِ وَلَمْ تُوجَدْ. وَقِيلَ يَجْرِي، وَنَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ لِأَنَّ فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ تَفْوِيتَ الْمَنْفَعَةِ وَإِلْحَاقَ الشَّيْنِ وَقَدْ تَفَاوَتَا، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الشِّجَاجِ تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إلْحَاقُ الشَّيْنِ وَقَدْ تَسَاوَيَا فِيهِ اهـ وَاقْتَصَرَ فِي الِاخْتِيَارِ عَلَى الثَّانِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَنَا أَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ لِأَنَّهَا وِقَايَةُ الْأَنْفُسِ كَالْأَمْوَالِ، وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ طَرَفَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيمَةِ بِتَقْوِيمِ الشَّارِعِ، وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَلَا بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْقِيمَةِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهَا فَذَلِكَ بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ وَلَيْسَ بِيَقِينٍ فَصَارَ شُبْهَةً فَامْتَنَعَ الْقِصَاصُ، بِخِلَافِ طَرَفَيْ الْحُرَّيْنِ لِأَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا مُتَيَقَّنٌ بِتَقْوِيمِ الشَّرْعِ، وَبِخِلَافِ الْأَنْفُسِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهَا يَتَعَلَّقُ بِإِزْهَاقِ الرُّوحِ وَلَا تَفَاوُتَ فِيهِ اهـ؛ وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الْآتِي حَيْثُ أَلْحَقَ الْأَطْرَافَ بِالْأَنْفُسِ (قَوْلُهُ قُلْت هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الشُّرُوحِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُتُونِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ.

وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْكِفَايَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ اسْتِيفَاءِ النَّاقِصِ بِالْكَامِلِ هُنَا وَبَيْنَ جَوَازِهِ فِيمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْقَاطِعُ أَشَلَّ أَوْ نَاقِصَ الْأَصَابِعِ بِمَا حَاصِلُهُ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ هُنَا أَصْلِيٌّ فَيَمْنَعُ الْقِصَاصَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَفِيمَا يَأْتِي كَانَ التَّسَاوِي ثَابِتًا فِي الْأَصْلِ وَالتَّفَاوُتُ بِأَمْرٍ عَارِضٍ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ عَبْدَيْنِ) فَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ الْأَعْلَى اخْتِيَارُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْأَدْنَى ط (قَوْلُهُ وَطَرَفُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ) أَيْ وَطَرَفُ الْكَافِرِ: أَيْ الذِّمِّيِّ سِيَّانِ أَيْ مُتَسَاوِيَانِ فَيَجْرِي فِيهِمَا الْقِصَاصُ، وَكَذَا بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ، وَكَذَا بَيْنَ الْكِتَابِيَّتَيْنِ جَوْهَرَةٌ

(قَوْلُهُ وَلَا فِي قَطْعِ يَدٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ امْتِنَاعِ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ ط (قَوْلُهُ وَلَا فِي جَائِفَةٍ بَرِئَتْ) ؛ لِأَنَّ الْبُرْءَ نَادِرٌ فَيُفْضِي الثَّانِي إلَى الْهَلَاكِ ظَاهِرًا هِدَايَةٌ. وَالْجَائِفَةُ: هِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الْبَطْنِ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ الْبَطْنِ فَلَا قِصَاصَ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ بَلْ يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلَا تَكُونُ الْجَائِفَةُ فِي الرَّقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَلَوْ فِي الْأُنْثَيَيْنِ وَالدُّبُرِ فَهِيَ جَائِفَةٌ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَارِيَةً) بِأَنْ مَاتَ مِنْهَا. وَالْأَخْصَرُ مَنْ يُقَالُ فَلَوْ لَمْ تَبْرَأْ يُنْتَظَرُ الْبُرْءُ أَوْ السِّرَايَةُ فَيُقْتَصُّ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) وَهُوَ الصَّحِيحُ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ، وَهُوَ مُفَادُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ وَلَا سِيَّمَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ إلَّا أَنْ يُقْطَعَ الْحَشَفَةُ فَيُفِيدُ أَنْ لَا قِصَاصَ فِي قَطْعِ غَيْرِهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ قَاضِي خَانْ بِلُزُومِ الْقِصَاصِ) يَعْنِي فِي الذَّكَرِ وَحْدَهُ إذَا قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ لَا فِي اللِّسَانِ فَإِنْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَطَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>