للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَتْوَى مُجْتَبًى. وَفِيهِ: لَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ.

(وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ بِمَوْتِ الْقَاتِلِ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ (وَيَعْفُو الْأَوْلِيَاءُ وَيُصَالِحُهُمْ عَلَى مَالٍ وَلَوْ قَلِيلًا، وَيَجِبُ حَالًا) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَبِصُلْحِ أَحَدِهِمْ وَعَفْوِهِ، وَلِمَنْ بَقِيَ) مِنْ الْوَرَثَةِ (حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ) فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى الْقَاتِلِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلِ مُلْتَقًى.

(أَمَرَ الْحُرُّ الْقَاتِلَ وَسَيِّدُ) الْعَبْدِ (الْقَاتِلِ رَجُلًا بِالصُّلْحِ عَنْ دَمِهِمَا) الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ (عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ) الصُّلْحَ عَنْ دَمِهِمَا (فَالْأَلْفُ عَلَى) الْحُرِّ وَالسَّيِّدِ (الْآمِرَيْنِ نِصْفَانِ) لِأَنَّهُ مُقَابَلٌ بِالْقَوَدِ وَهُوَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً فَبَدَلُهُ كَذَلِكَ.

(وَيُقْتَلُ جَمْعٌ بِمُفْرَدٍ إنْ جَرَحَ كُلُّ وَاحِدٍ جُرْحًا مُهْلِكًا) لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ يَتَحَقَّقُ بِالْمُشَارَكَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ

ــ

[رد المحتار]

النَّفْسِ إذَا وَجَبَ عَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ لِغَيْرِهِ فَقُتِلَ بِهِ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْمَالِ فَلَمْ تُسَلَّمْ لَهُ (قَوْلُهُ مُجْتَبًى) نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمِعْرَاجِ وَأَقَرَّهُ، وَذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ) هَذَا نَظِيرُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقَادُ الْعَيْنُ الصَّحِيحَةُ بِالْحَوْلَاءِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا كَانَ بِالْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ جِرَاحَةٌ لَا تُوجِبُ نُقْصَانَ دِيَةِ الْيَدِ بِأَنْ كَانَ نُقْصَانًا لَا يُوهِنُ فِي الْبَطْشِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ يُوهِنُ حَتَّى يَجِبَ بِقَطْعِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا نِصْفُ الدِّيَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ، لَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ اهـ مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ بِمَوْتِ الْقَاتِلِ) وَلَا يَجِبُ لِلْمَوْلَى شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَكَذَا يَسْقُطُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَفَادَهُ الرَّمْلِيُّ، وَقَدَّمْنَا آنِفًا أَنَّهُ يَسْقُطُ أَيْضًا لَوْ تَلِفَتْ يَدُ الْقَاطِعِ لِآفَةٍ أَوْ ظُلْمًا لَا لَوْ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَلِيلًا) بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الدِّيَةَ مُقَدَّرَةٌ شَرْعًا وَالصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا رِبًا. وَأَمَّا الْقِصَاصُ فَلَيْسَ بِمَالٍ فَكَانَ التَّقْوِيمُ بِالْعَقْدِ فَيُقَوَّمُ بِقَدْرِ مَا أَوْجَبَهُ الصُّلْحُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِعْرَاجٌ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ كَثِيرًا لِيَكُونَ إشَارَةً إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ حَالًّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِعَقْدٍ وَالْأَصْلُ فِي مِثْلِهِ الْحُلُولُ كَثَمَنٍ وَمَهْرٍ حَمَوِيٌّ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَجَّلُ إلَّا بِالشَّرْطِ أَفَادَهُ الْبَدْرُ الْعَيْنِيُّ آخِرَ فَصْلِ الشِّجَاجِ ط (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ) جَرَى عَلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَرَدَّهُ مُحَشِّيهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِمَا فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمَبْسُوطِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَسَائِرِ الْكُتُبِ أَنَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ. قَالَ: وَهُوَ الثَّابِتُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، وَتَمَامُهُ فِي ط، وَكَذَا رَدَّهُ فِي تَصْحِيحِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ قَوْلًا لِأَحَدٍ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ بِالصُّلْحِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ

(قَوْلُهُ إنْ جَرَحَ كُلُّ وَاحِدٍ جُرْحًا مُهْلِكًا) أَيْ مَعًا لَا مُتَعَاقِبًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ قَطَعَ عُنُقَهُ وَبَقِيَ مِنْ الْحُلْقُومِ قَلِيلٌ إلَخْ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: إذَا جَرَحَهُ جِرَاحَةً لَا يَعِيشُ مَعَهَا وَجَرَحَهُ آخَرُ أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَلَوْ مَعًا فَهُمَا قَاتِلَانِ اهـ زَادَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ وَالْآخَرُ وَاحِدَةً فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ؛ لِأَنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَمُوتُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْلَمُ مِنْ الْكَثِيرِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَتَلَا رَجُلًا أَحَدُهُمَا بِعَصًا وَالْآخَرُ بِحَدِيدٍ عَمْدًا لَا قِصَاصَ وَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ مُنَاصَفَةً. وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: وَلَوْ جَرَحَ جِرَاحَاتٍ مُتَعَاقِبَةً وَمَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُثْخِنُ مِنْهَا وَغَيْرُ الْمُثْخِنِ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَمِيعِ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُثْخِنِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ أَيْ مُفْتِي الرُّومِ. وَأَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى الْمُثْخِنِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقِصَاصُ عَلَى الَّذِي جَرَحَ جُرْحًا مُهْلِكًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ) وَاشْتَرَكَ الْجَمَاعَةُ فِيمَا لَا يَتَجَزَّأُ يُوجِبُ التَّكَامُلَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُضَافُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>