للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ

ــ

[منح الجليل]

وَشَرْطُ الْقُرْعَةِ صَلَاحِيَّةُ كُلٍّ لِلسَّفَرِ. وَمَنْ اخْتَارَ سَفَرَهَا أَوْ تَعَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ فَتُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهَا وَلَمْ يُعِرْهَا، فَإِنْ امْتَنَعَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ.

(وَوَعَظَ) أَيْ ذَكَّرَ بِشَدِّ الْكَافِ الزَّوْجُ (مَنْ) أَيْ زَوْجَةً أَوْ زَوْجَتَهُ الَّتِي (نَشَزَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ، أَيْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا أَوْ خُرُوجِهَا بِلَا إذْنِهِ أَوْ تَرَكَتْ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالصَّلَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانِ بِمَا يُلَيِّنُ قَلْبَهَا لِلرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِ الطَّاعَةِ وَالْخَوْفِ مِنْ عِقَابِ الْمَعْصِيَةِ.

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْوَعْظُ (هَجَرَهَا) أَيْ تَرَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَالنَّوْمَ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ شَهْرًا وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْهَجْرُ (ضَرَبَهَا) ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً شَيْنًا كَالْكَسْرِ، وَمِثْلُ غَيْرِ الْمُبَرِّحِ اللَّكْزَةُ وَالصَّفْعُ وَلَا يَضْرِبُهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ (إنْ ظَنَّ) الزَّوْجُ (إفَادَتَهُ) أَيْ الضَّرْبِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إفَادَتِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَلَا يَضْرِبُهَا لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَى إصْلَاحِ حَالِهَا وَالْوَسِيلَةُ لَا تُشْرَعُ عِنْدَ ظَنِّ عَدَمِ تَرَتُّبِ الْمَقْصُودِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الْوَعْظُ وَالْهَجْرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ظَنَّ الْإِفَادَةَ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الذَّاتِ. فَإِنْ قِيلَ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَشَرْطُهُمَا ظَنُّهَا. قِيلَ إنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِمَا لَا فِي جَوَازِهِمَا، فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِمَا لَا عَدَمُ جَوَازِهِمَا، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ نُشُوزُهَا الْإِمَامَ، أَوْ بَلَغَهُ وَرَجَا صَلَاحَ حَالِهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَالْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ هُوَ الَّذِي يَعِظُهَا وَيَضْرِبُهَا.

ابْنُ شَاسٍ إنْ نَشَزَتْ وَعَظَهَا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ هَجَرَهَا، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ، وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُهُ إلَّا بِضَرْبِهَا الْمَخُوف فَلَا يَجُوزُ. وَفِي الزَّاهِيِّ ضَرَبَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَصَاحِبَتَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>