للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَعْظِيمُ الْمُصْحَفِ قِرَاءَتُهُ وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ لَا تَقْبِيلُهُ، وَلَا الْقِيَامُ إلَيْهِ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَالْمَسْجِدُ تَعْظِيمُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ لَا التَّمَسُّحُ بِجُدْرَانِهِ وَكَذَلِكَ الْوَرَقَةُ يَجِدُهَا الْإِنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ فِيهَا اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَرْفِيعُهُ إزَالَةُ الْوَرَقَةِ مِنْ مَوْضِعِ الْمَهَانَةِ إلَى مَوْضِعِ تَرَفُّعٍ فِيهِ لَا تَقْبِيلُهَا، وَكَذَلِكَ الْخُبْزُ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ مُلْقًى بِالْأَرْضِ بَيْنَ الْأَرْجُلِ تَعْظِيمُهُ أَكْلُهُ لَا تَقْبِيلُهُ، وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ تَعْظِيمُهُ اتِّبَاعُهُ لَا تَقْبِيلُ يَدِهِ وَقَدَمِهِ، وَلَا التَّمَسُّحُ بِهِ، وَكَذَلِكَ مَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ تَعْظِيمُهُ بِاتِّبَاعِهِ لَا بِالِابْتِدَاعِ عِنْدَهُ انْتَهَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ تُدْعَى عِنْدِنَا بِالْفَقِيرَةِ تَدَّعِي أَنَّ الشَّيْخَ الْفُلَانِيَّ الْمَيِّتَ يَنْزِلُ عَلَيْهَا وَيَتَرَدَّدُ إلَيْهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ بِالزِّيَارَةِ وَالْإِهْدَاءِ فِي يَوْمٍ مَعْلُومٍ كَالْجُمُعَةِ وَعِنْدَ حُضُورِ الزَّائِرِينَ تُحْضِرُ لَهُمْ الشَّيْخَ وَيُكَلِّمُهُمْ بِمَا فِي أَسْرَارِهِمْ وَغَيْرِهِ فَهَلْ هَذَا حَقِيقَةٌ أَوْ كِهَانَةٌ كَمَا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ سِحْرٌ، فَعَلَى الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ مَنْعُهَا، وَأَخْذُهَا الدَّرَاهِمَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا حَقِيقَةٌ إنَّمَا هُوَ كِهَانَةٌ أَوْ سِحْرٌ وَحَاشَا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ الْمُطَهَّرِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنْ تَصْدُرَ عَنْهُمْ مِثْلُ هَذِهِ الْقَبَائِحِ بَلْ هُمْ مُتَأَدِّبُونَ مَعَ الشَّرْعِ وَاقِفُونَ مَعَ حُدُودِهِ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، عَلَى أَنَّ الْأَمْوَاتَ مِنْهُمْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِي أُمُورِ الْأَحْيَاءِ لِانْتِقَالِهِمْ إلَى عَالَمٍ آخَرَ فِي غَايَةِ الْمُبَايَنَةِ لِعَالَمِ الْأَحْيَاءِ إنَّمَا يَتَصَرَّفُونَ فِي أُمُورِ الْأَمْوَاتِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْغَوْثِ سَيِّدِي عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّبَّاغُ نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَنَصُّ الْإِبْرِيزِ عَنْهُ فِيمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْأَحْيَاءُ مِنْ الْأَمْوَاتِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ دِيوَانَ الصَّالِحِينَ، ثَانِيهَا أَنَّهُ لَا تَقَعُ مَعَهُمْ مُشَاوِرَةٌ فِي أُمُورِ الْأَحْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصَرُّفَ لَهُمْ فِيهَا وَقَدْ انْتَقَلُوا إلَى عَالِمٍ آخَرَ فِي غَايَةِ الْمُبَايَنَةِ لِعَالَمِ الْأَحْيَاءِ وَإِنَّمَا تَقَعُ مَعَهُمْ الْمُشَاوَرَةُ فِي أُمُورِ عَالَمِ الْأَمْوَاتِ اهـ.

وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ رُشْدٍ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَمَّنْ يَخُطُّ فِي الرَّمَلِ وَيُخْبِرُ بِالْمُغَيَّبَاتِ مَا نَصُّهُ: عَصَمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ الْمُضِلَّةِ، وَلَا عَدَلَ بِنَا رَبُّك عَنْ سَوَاءِ الْمَحَبَّةِ وَجَعَلَنَا لِكِتَابِهِ مُتَّبِعِينَ وَبِهَدْيِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مُهْتَدِينَ لَا مُشَارِك لِلَّهِ تَعَالَى فِي غَيْبِهِ وَاسْتَأْثَرَ بِمَعْرِفَتِهِ وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْبِيَاءَهُ بِوَاسِطَةِ الْوَحْيِ فَالتَّصْدِيقُ بِهِ كُفْرٌ وَقَدْ أَكْذَبَ اللَّهُ تَعَالَى مُدَّعِيَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ الْمُسْتَبِدُّ بِعِلْمِ ذَلِكَ مَا كَانَ أَوْ يَكُونُ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ فَقَالَ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا الْآيَةَ، وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: ٣٤] الْآيَةَ وَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>