للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جامعون مكارم الأخلاق ومن أشرف مكارم الأخلاق تحمل الأذى. الثاني أن هذه الآية نزلت بعد أحد، لأن سورة المائدة من آخر ما نزلت من القرآن.

فإن قيل: كيف قال تعالى: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) «١» مع أن بعض الظالمين وهم العصاة من المؤمنين يشفع فيهم النبي (ص) يوم القيامة فيكون ناصرا لهم؟

قلنا: المراد بالظالمين هنا المشركون، يعلم ذلك من أول الآية ووسطها «٢» .

فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧) بعد قوله في الآية نفسها: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ قلنا: المراد بالضلال الأول ضلالهم عن الإنجيل، وبالضلال الثاني ضلالهم عن القرآن.

فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ [الآية ٧٩] والنهي عن المنكر بعد فعله ووقوعه لا معنى له؟

قلنا: فيه إضمار حذف مضاف تقديره: كانوا لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه، أو عن منكر أرادوا فعله كما يرى الإنسان أمارات الخوض في الفسق وآلاته تسوى وتهيأ فينكر، ويجوز أن يريد بقوله لا يَتَناهَوْنَ لا ينتهون ولا يمتنعون عن منكر فعلوه، بل يصرون عليه ويداومون، يقال: تناهى عن الأمر وانتهى عنه بمعنى واحد: أي امتنع عنه وتركه.

فإن قيل: لم قال تعالى: وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١) والمراد بقوله منهم المنافقون أو اليهود على اختلاف القولين وكلهم فاسقون؟

قلنا: المراد به فسقهم بموالاة المشركين ودسّ الأخبار إليهم لا مطلق الفسق، وذلك الفسق الخاص مخصوص بكثير منهم، وهم المذكورون في أول الآية السابقة في قوله تعالى: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ [الآية ٨٠] ، وليس شاملا لجميعهم.

فإن قيل: لم قال تعالى


(١) . ورد قوله تعالى: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) في موضعين آخرين هم: [البقرة/ ٢٧٠] و [آل عمران/ ١٩٢] .
(٢) . يقصد الآية ٧٢ من سورة المائدة.