للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر فرُميَ أبو عامرٍ في رُكبته، رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه وقلت: يا عم، من رماك؟ فقال: ذاكَ قاتلي الذي رماني تَراه؟ فلحقت الرجل فلما رآني ولّى هاربًا، فاتَّبَعْتُه وجعلت أقول: ألا تستحي، فوقف فالتقينا، فقتلته ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت له: قد قَتَل الله صاحبك، فقال: انزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماءُ، قال: فانْطَلِقْ إلى رسولِ الله وأقرِئه مني السلام واسأله أن يستغفر لي، ثم لِتَخْلُفْني على الناس، ومكث يسيرًا ومات، فلما رجعتُ إلى رسول الله دخلت عليه وهو في بيت على سرير مُرْمَل وعليه فِراش وقد أثر رِمال السرير في ظهره وجنبه، فأخبرته خبر أبي عامر، فدعا له واستغفر، فقلت: ولي، فقال: "اغفرِ اللَّهمَّ لعبدِ اللهِ بنِ قيسٍ ذَنبَهُ، وأَدخِلْهُ مُدْخَلًا كريمًا يومَ القيامةِ" (١).

وقال الواقدي: بارز أبو عامر عشرة فقتل تسعة، وبرز له العاشر وهو مُتَعمِّمٌ بعمامة صفراء فقال أبو عامر: اللهمَّ اشهد، فقال الرجل: اللهمَّ لا تشهد، فضرب أبا عامر فأثبته، فحملوه وبه رَمَقٌ، واستخلف أبا موسى الأشعري ففتح الله عليه، وقتل قاتلَ أبي عامر وجاء إلى رسول الله فاستغفر لأبي عامر، فقال له أبو موسى: يا رسول الله، فهذا لأبي عامر فادع لي، فقال: "اللَّهمَّ اغفِر لأبي موسى، واجْعَلهُ في أَعْلَى أُمَّتي" (٢).

يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب، جمح به فرسه، فقتله المشركون.

[ذكر من قتل من الكفار]

قتل منهم زيادة على المئة، وقيل: تسعون، وقيل: سبعون، فمن أعيانهم:

دُرَيد بن الصِّمَّة (٣)، واسم الصمة: معاوية، وكنية دريد: أبو قُرة الجُشَمي، وهو الذي خَطَبَ الخنساء ابنةَ عمرو بن الشريد فلم تُجِبْهُ فقال: [من الوافر]

كفاك الله يا ابنة آل عمرو … من الفتيان أمثالي ونفسي

أَتَزْعمُ أنني شيخ كبيرٌ … وهل أَنْبأْتُها أني ابنُ أمسِ


(١) أخرجه البخاري (٤٣٢٣)، ومسلم (٢٤٩٨).
(٢) "المغازي" ٣/ ٩١٥ - ٩١٦.
(٣) انظر ترجمته في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٢٣١.