للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سَبّهِ وَالتّعْرِيضِ لَهُ.

قَالَ: حَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عِمَارَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، قَالَ: كُنْت جَالِسًا مَعَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ فِي مَسْجِدِهِ، مُنْصَرَفَهُ مِنْ الْجِعِرّانَةِ، فَطَلَعَ هَبّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ مِنْ بَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نَظَرَ الْقَوْمُ إلَيْهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هبّار ابن الْأَسْوَدِ! قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ رَأَيْته. فَأَرَادَ بَعْضُ الْقَوْمِ الْقِيَامَ إلَيْهِ، فَأَشَارَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اجْلِسْ، وَوَقَفَ عَلَيْهِ هَبّارٌ فَقَالَ: السّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللهِ، إنّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَأَنّك رَسُولُ اللهِ، وَلَقَدْ هَرَبْت مِنْك فِي الْبِلَادِ وَأَرَدْت اللّحُوقَ [ (١) ] بِالْأَعَاجِمِ، ثُمّ ذَكَرْت عَائِدَتَك وَفَضْلَك وَبِرّك وَصَفْحَك عَمّنْ جَهِلَ عَلَيْك، وَكُنّا يَا رَسُولَ اللهِ أَهْلَ شِرْكٍ، فَهَدَانَا اللهُ عَزّ وَجَلّ بِك، وَأَنْقَذَنَا بِك مِنْ الْهَلَكَةِ، فَاصْفَحْ عَنْ جَهْلِي وَعَمّا كَانَ يَبْلُغُك عَنّي، فَإِنّي مُقِرّ بِسُوءِ فِعْلِي، مُعْتَرِفٌ بِذَنْبِي.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ عَفَوْت عَنْك، وَقَدْ أَحْسَنَ اللهُ بِك حَيْثُ هَدَاك لِلْإِسْلَامِ، وَالْإِسْلَامُ يَجُبّ مَا كَانَ قَبْلَهُ.

قَالَ: حَدّثَنِي وَاقِدُ بْنُ أَبِي يَاسِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، قال: قال الزّبير ابن الْعَوّامِ: مَا رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ هَبّارًا قَطّ إلّا تَغَيّظَ عَلَيْهِ، وَلَا رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيّةً قَطّ إلّا قَالَ: إنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبّارٍ فَاقْطَعُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمّ اضْرِبُوا عُنُقَهُ. وَاَللهِ لَقَدْ كُنْت أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ، وَاَللهُ يَعْلَمُ لَوْ ظَفِرْت بِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم لقتلته. ثم اطلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا عِنْدَهُ جَالِسٌ، فَجَعَلَ يَعْتَذِرُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ: سُبّ


[ (١) ] فى الزرقانى، عن الواقدي: «اللحاق» . (شرح على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ٣٧٧) .