للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِمْ أَرْسَتْ رَوَاسٍ مِنْ ثَبِيرٍ ... وَمِنْ ثَوْرٍ [ (١) ] وَلَمْ تَصْمَمْ صَمَامِ [ (٢) ]

تُغَنّينِي الْحَمَامُ كَأَنّ رَهْطِي ... خُزَاعَةُ أَوْ أُنَاسٌ مِنْ جُذَامِ

فَضَرَبَهُ بِالسّيْفِ حَتّى بَرّدَهُ. وَيُقَالُ: خَرَجَ وَهُوَ ثَمِلٌ فِيمَا بَيْن الصّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَرَآهُ الْمُسْلِمُونَ فَهَبّتُوهُ [ (٣) ] بِأَسْيَافِهِمْ حَتّى قَتَلُوهُ، وَقَالَ شَاعِرُهُمْ [ (٤) ] :

لَعَمْرِي لَقَدْ أَخْزَى نُمَيْلَةَ رَهْطُهُ ... وَفُجّعَ إخْوَانُ السّنَاءِ [ (٥) ] بِمِقْيَسِ

فَلِلّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَ مِقْيَسٍ ... إذَا النّفَسَاءُ أَصْبَحَتْ لَمْ تُخَرّسْ [ (٦) ]

وَكَانَ جُرْمُهُ أَنّ أَخَاهُ هَاشِمُ بْنُ صُبَابَةَ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَشَهِدَ المريسيع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ خَطَأً وَلَا يَدْرِي، فَظَنّ أَنّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فقدم مقيس بن صبابة، فقضى له رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالدّيَةِ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَخَذَهَا وَأَسْلَمَ ثُمّ عَدَا عَلَى قَاتِلِ أَخِيهِ الْعُمَرِيّ فَقَتَلَهُ، وَهَرَبَ مُرْتَدّا كَافِرًا يَقُولُ شِعْرًا. وَيُقَالُ:

قَتَلَهُ أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ، مِنْ رَهْطِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ، وَذَلِكَ أَنّهُ كَانَ فِي رَهْجِ [ (٧) ] الْعَدُوّ، فَخَرَجَ يَطْلُبُهُمْ فَرَجَعَ وَلَقِيَهُ أَوْسٌ وَهُوَ يَظُنّ أَنّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُ، فَقَضَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم بديته على رهط عبادة ابن الصامت- وهذا أثبت القولين- فقال:


[ (١) ] ثبير وثور: جبلان بمكة. (معجم ما استعجم، ص ٢١٢، ٢٢٢) .
[ (٢) ] فى الأصل: «ولم يصمم ضمام» . والصمام: الداهية الشديدة. (لسان العرب، ج ١٥، ص ٢٣٨) .
[ (٣) ] هبتوه: ضربوه. (القاموس المحيط، ج ١، ص ١٦٠) .
[ (٤) ] نسبه ابن إسحاق إلى أخت القتيل. (السيرة النبوية، ج ٤، ص ٥٣) .
[ (٥) ] النساء: من الرفعة والشرف. (الصحاح، ص ٢٣٨٣) .
[ (٦) ] أى لم يصنع لها طعام عند ولادتها، واسم الطعام الذي للنفساء يقال له خرس وخرسة، وإنما أراد به زمن الشدة. (شرح أبى ذر، ص ٣٧٠) .
[ (٧) ] الرهج: الغبار. (النهاية، ج ٢، ص ١١٤) .