للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسْلَامَهُ مِنْ أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، فَعَذّبُوهُ أَشَدّ الْعَذَابِ حَتّى قَالَ لَهُمْ الّذِي يُرِيدُونَ، فَلَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ جَاءَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إلَيْهِ، وَأَخْبَرَهُ مَا لَقِيَ فِي سَبَبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ:

فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَى نَفْسَهُ فَعَتَقَ، وَاسْتَغْنَى وَنَكَحَ امْرَأَةً لَهَا شَرَفٌ.

قَالَ: حَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ: إنّي نَذَرْت أَنْ أُصَلّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ إنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْك مَكّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَاهُنَا أَفْضَلُ. فَرَدّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَصَلَاةٌ هَاهُنَا أَفَضْلُ مِنْ أَلْفٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْبُلْدَانِ! وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ زَوْجُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّي جَعَلْت عَلَى نَفْسِي، إنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْك مَكّةَ، أَنْ أُصَلّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقْدِرِينَ عَلَى ذلك، يحو بَيْنَك وَبَيْنَهُ الرّومُ. فَقَالَتْ: آتِي بِخَفِيرٍ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ. فَقَالَ: لَا تَقْدِرِينَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ ابْعَثِي بِزَيْتٍ يُسْتَصْبَحُ [ (١) ] لَك بِهِ فِيهِ، فَكَأَنّك أَتَيْته.

فَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تَبْعَثُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كُلّ سَنَةٍ بِمَالٍ يُشْتَرَى بِهِ زَيْتٌ يُسْتَصْبَحُ بِهِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتّى مَاتَتْ فَأَوْصَتْ بِذَلِكَ.

قَالَ: حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَا: لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ جَلَسَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي مجلس فيه جماعة، منهم سعد بن


[ (١) ] يستصبح: أى يسرج السراج. (النهاية، ج ٢، ص ٢٥٠) .