للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينابيع علم الله منه تفجرت ... ففى كل حى منه لله منهل

منحت بفيض الفضل كل مفضل ... فكل له فضل به منك يفضل

نظمت نثار الأنبياء فتاجهم ... لديك بأنواع الكمال مكلل

فيا مدة الإمداد نقطة خطه ... ويا ذروة الإطلاق إذ يتسلل

محال يحول القلب عنك وإننى ... وحقك لا أسلو ولا أتحول

عليك صلاة الله منه تواصلت ... صلاة اتصال عنك لا تتنصل

شخصت أبصار بصائر سكان سدرة المنتهى لجلال جماله، وحنت أرواح رؤساء الأنبياء إلى مشاهدة كماله، وتلفتت لفتات أنفس الملأ الأعلى إلى نفائس نفحاته، وتطاولت أعناق العقول إلى أعين لمحاته ولحظاته، فعرج به إلى المستوى الأقدس، وأطلعه على السر الأنفس، فى إحاطته الجامعة، وحضرات حظيرة قدسه الواسعة، فوقفت أشخاص الأنبياء فى حرم الحرمة، على أقدام الخدمة، وقامت أشباح الملائكة فى معراج الجلال، على أرجل الإجلال، وهامت أرواح العشاق فى مقامات الأشواق:

كل إليك بكله مشتاق ... وعليه من رقبائه أحداق

يهواك ما ناح الحمام بأيكة ... أو لاح برق فى الدجى «١» خفاق

شوق إليه لا يزال يديره ... فجميعه لجميعه عشاق

اشتاق القمر لمشاهدته فانشق، فشق مرائر الأشقياء المشاققين، وحن لمفارقته الجذع فتصدع فانصدعت قلوب الأغبياء المنافقين «٢» .

وبرقت من مشكاة بعثته بوارق طلائع الحقائق، وانقادت لدعوته العامة خاصة خلاصة الخلائق، ولم يزل يجاهد فى الله بصادق عزماته، وينظم أشتات الإسلام بعد افتراق جهاته، حتى كملت كمالات دينه وحججه البالغة، وتمت على سائر أمته الأمية نعمته السابغة، وخيّر فاختار الرفيق الأعلى، وآثر الآخرة على الأولى، فنقله الله قائما على قدم السلامة، إلى دار


(١) الدجى: سواد الليل مع غيم، حتى لا يرى فيه نجم ولا قمر.
(٢) ستأتى أدلة هذه المعجزات فى موضعها من الكتاب.