للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوليد؛ فسأله عن سبب ضرّه، فقال: بتّ ليلة في بطن واد ولا أعلم على الأرض عبسيّا يزيد ماله على مالي، فطرقنا سيل فأذهب ما كان لي من أهل ومال وولد إلا صبيا رضيعا وبعيرا صعبا، فندّ «١» البعير والصبيّ معي فوضعته واتّبعت البعير لأحبسه، فما جاوزت إلّا ورأس الذئب في بطنه قد أكله، فتركته وأتبعت البعير، فاستدار فرمحني رمحة حطم بها وجهي وأذهب عيني، فأصبحت لا ذا مال ولا ذا ولد. فقال الوليد: اذهبوا به إلى عروة ليعلم أنّ في الناس من هو أعظم بلاء منه؛ وكان عروة بن الزّبير أصيب بابن له وأصابه الداء الخبيث في إحدى رجليه فقطعها، فكان يقول: كانوا أربعة- يعني بنيه- فأبقيت ثلاثة وأخذت واحدا، وكنّ أربعا- يعني يديه ورجليه- فأخذت واحدة وأبقيت ثلاثا. أحمدك، لئن كنت أخذت لقد أبقيت، ولئن كنت أبقيت لقد عافيت.

وشخص إلى المدينة فأتاه الناس يبكون ويتوجّعون؛ فقال: إن كنتم تعدّونني للسّباق والصّراع فقد أودى «٢» ، وإن كنتم تعدّونني للّسان والجاه فقد أبقى الله خيرا كثيرا.

وقال عليّ بن الجهم: [سريع]

من سبق السّلوة بالصبر ... فاز بفضل الحمد والأجر

يا عجبا من هلع جازع ... يصبح بين الذمّ والوزر

مصيبة الإنسان في دينه ... أعظم من جائحة الدهر «٣»

وقال بعض الشعراء «٤» : [مجزوء الرمل]

ليت شعري ضلّة ... أيّ شيء قتلك «٥»

<<  <  ج: ص:  >  >>