للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن نام لم تهجع وطافت حوله ... فيبيت مكلوما بها مرصودا

منّي بأوجع إذ رأيت نوائحا ... لأبي الحسين وقد لطمن خدودا

ولقد عدمت أبا الحسين جلادتي ... لما رأيت جمالك المفقودا

كنت الجليد على الرزايا كلها ... وعلى فراقك لم أجد تجليدا «١»

ولئن بقيت وما هلكت فإن لي ... أجلا وإن لم أحصه معدودا

لا موت لي إلا إذا الأجل انقضى ... فهناك لا أتجاوز المحدودا

حزني عليك بقدر حبّك لا أرى ... يوما على هذا وذاك مزيدا

ما هدّ ركنّي بالسنين وإنّما ... أصبحت بعدك بالأسى مهدودا

يا ليت إني لم أكن لك والدا ... وكذاك إنك لم تكن مولودا

فلقد شقيت وربما شقي الفتى ... بفراق من يهوى وكان سعيدا

من ذمّ جفنا باخلا بدموعه ... فعليك جفني لم يزل محمودا

فلأنظمنّ مراثيا مشهورة ... تنسي الأنام كثيّرا ولبيدا

وجميع من نظم القريض مفارق ... ولدا له أو صاحبا مفقودا

وقال الفقيه منصور بن إسماعيل المصري:

سألت رسوم القبر عمّن ثوى به ... لأعلم ما لاقى فقالت جوانبه

أتسأل عمّن عاش بعد وفاته ... بإحسانه إخوانه وأقاربه

وقال الإمام السبكي «٢» رحمه الله تعالى يرثي فضل الله العالم:

مصاب ليس يشبهه مصاب ... لذي الألباب إذ فقد الشّهاب

إمام قد حوى من كلّ علم ... كنوزا نحوها يسعى الرّكاب «٣»

ليبكي كلّ ذي علم عليه ... فكم علم له ضمّ التراب

وكم كلم موانع قد أتته ... ثناها وهي عاصية صعاب

فسلطان البلاغ بغير شك ... شهاب الدين ما فيه ارتياب

سقى الله الكريم ثراه صوبا ... له من كل رضوان رضاب «٤»

وقال الصفدي:

يا غائبا في الثرى تبلى محاسنه ... الله يوليك غفرانا وإحسانا

إن كنت جرّعت كأس الموت واحدة ... في كلّ يوم أذوق الموت ألوانا

وقال محمد بن عبد الله العتبي يرثي إبنا له:

أضحت بخدي للدموع رسوم ... أسفا عليك وفي الفؤاد كلوم «٥»

والصبر يحمد في المواطن كلّها ... إلا عليك فإنه مذموم

وكتب أحمد بن يوسف إلى عمر بن سعيد يرثي بنتا له فقال:

عجبا للمنون كيف أتتها ... وتخطّت عبد الحميد أخاكا

شملتنا مصيبتان جميعا ... فقدنا هذه ورؤية ذاكا

وله يرثي الأمير يلبغا:

ألا إنّما الدنيا غرور وباطل ... فطوبى لمن كفاه منها تفرّغا «٦»

وما عجبي إلا لمن بات واثقا ... بأيام دهر ما وعى حق يلبغا

<<  <   >  >>