للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ظاهره (١).

ومن ذهب أنه الأمر بعد الحظر للإباحة فقد علله بأن ورود الأمر بعد الحظر يرفع التحريم ويتبادر إلى الذهن الإباحة.

ومن قال أنه يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر علله بأن تقدم الحظر على الأمر قرينة تبطل الوجوب (٢) فيعود إلى ما كان عليه قبل الحظر.

وهذا الأخير هو الأقوى عندي وهو الذي يجمع بين ما كان للوجوب، وللإباحة ولغيرهما.

قال الشنقيطي في "المذكرة" (ص/١٩٠): (الذي يظهر لي في هذه المسألة هو ما يشهد له القرآن العظيم وهو أن الأمر بعد الحظر يدل على رجوع الفعل إلى ما كان عليه قبل الحظر فان كان قبله جائزاً رجع إلى الجواز , وان كان قبله واجباً رجع إلى الوجوب.

فالصيد مثلا كان مباحاً ثم منع للإحرام ثم أمر به عند الإجلال فيرجع لما كان عليه قبل التحريم. وقتل المشركين كان واجباً ثم منع لأجل دخول الأشهر الحرم ثم أمر به عند انسلاخها في قوله تعالى: ((فإذا انسلخ الأشهر الحرم ... الآية)) فيرجع إلى ما كان عليه قبل التحريم. وهكذا. وهذا الذي اخترنا قال به بعض الأصوليين واختاره ابن كثير في تفسير قوله تعالى ((فإذا حللتم فاصطادوا)).

ومن الأدلة أيضا التي تدل على أنه للوجوب ما روت عائشة - رضي الله عنها -: (أن فاطمة بين أبي حبيش كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال (ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) (٣).


(١) وأما من قال: لا يعد تقدم الحظر على الأمر قرينة لصرف الأمر عن ظاهره فقد حمله هنا على الوجوب إذا كان يقول أن الأمر المجرد عن القرائن للوجوب، أو حمله عن الاستحباب إن كان يقول أنه للاستحباب.
(٢) انظر: "أصول الفقه" للشيخ عياض (ص/٢٦٥)، " التحبير" (٥/ ٢٢٤٧).
(٣) ذكر هذا الدليل الشيخ عطاء في الشريط السادس والأربعين من شرحه على الأصول من علم الأصول.

<<  <   >  >>