للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ «١» لأنّ أكثر مقدماتهم خيالات لا حقيقة لها وأغلب كلماتهم في النسيب بالحرم وذكر صفات النساء والغزل والهجاء وتمزيق الأعراض في القدح في الأنساب والوعد الكاذب والافتخار الباطل ومدح من لا يستحقّه والإطراء فيه. ثم قال قوله إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «٢» الآية استثناء للشّعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله، ويكون أكثر أشعارهم في التوحيد والثّناء على الله والحثّ على طاعته. ولو قالوا هجوا أرادوا به الانتصار ممن هجاهم مكافحة هجاة المسلمين كعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك «٣» وكعب بن زهير «٤»، وكان عليه السلام يقول لحسان «قل وروح القدس معك» «٥» انتهى.

التقسيم: ذكر في بعض الرسائل العربي:

اعلم أنّ أبا الحسن الأهوازي «٦» ذكر في كتاب القوافي «٧» أنّ الشعر عند العرب ينقسم أربعة أقسام. الأول القصيدة وهو الوافي الغير المجزوء لأنهم قصدوا به أتمّ ما يكون من ذلك الجنس. الثاني الرّمل وهو المجزوء رباعيا كان أو سداسيا لأنه أقصر عن الأول، فشبّه بالرمل في الطواف، وقد يسمّى هذا أيضا قصيدة، الثالث الرجز وهو ما كان على ثلاثة أجزاء كمشطور الرجز والسريع سمّي بذلك لتقارب أجزائه وقلّة حروفه تشبيها بالناقة التي في مشيها ضعف لداء يعتريها. الرابع الخفيف وهو المنهوك وأكثر ما جاء في ترقيص الصبيان واستقاء الماء من الآبار. وإنّما يدعى الرامل شاعرا إذا كان الغالب على شعره القصيدة أعني القسمين الأولين فإن كان الغالب عليه الرجز سمّي راجزا انتهى كلامه.

فائدة:

الأكثر على أنّ الشعر لا يكون أقل من بيت واحد وله مصراعان، كذا في عروض سيفي «٨». والشّعر عند المنطقيين هو القياس المركّب من مقدمات يحصل للنفس منها القبض والبسط ويسمّى قياسا شعريا، كما إذا قيل الخمر ياقوتية سادة سيّالة تنبسط [لها] «٩» النفس.

ولو قيل العسل مرّة مهوعة تنقبض والغرض منه


(١) الشعراء/ ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٢) الشعراء/ ٢٢٧.
(٣) كعب بن مالك (- م، ع).
هو كعب بن مالك بن عمرو بن القين الأنصاري السلمي الخزرجي. توفي عام ٥٠ هـ/ ٦٧٠ م. صحابي، من أكابر الشعراء.
شهد الوقائع. وعمي آخر حياته. روى بعض الأحاديث وله ديوان شعر مطبوع.
الأعلام ٥/ ٢٢٨، الأغاني ١٥/ ٢٩، نكت الهميان ٢٣١، حسن الصحابة ٤٣، الخزانة ١/ ٢٠٠.
(٤) هو كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني، أبو المضرّب. توفي عام ٢٦ هـ/ ٦٤٥ م. من كبار الشعراء الجاهليين. هجا النبي في أول الدعوة ثم تاب وأسلم وقال قصيدته المشهورة باسم: بانت سعاد. وهو من عائلة كلها شعراء. له ديوان شعر مطبوع وله شروحات عليه. الأعلام ٥/ ٢٢٦، الخزانة ٤/ ١١، الشعر والشعراء ٦١، السيرة لابن هشام ٣/ ٢٣، عيون الأثر ٢/ ٢٠٨، جمهرة أشعار العرب ١٤٨.
(٥) أحمد، مسند ٤/ ٢٩٨، بلفظ: «اهج المشركين فإن روح القدس معك».
(٦) هو الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد الأهوازي، أبو علي، وليس أبا الحسن كما ذكر المؤلف. ولعلّه وهم في اسمه فكنّاه بأبي الحسن. ولد عام ٣٦٢ هـ/ ٩٧٢ م. وتوفي بدمشق عام ٤٤٦ هـ/ ١٠٥٥ م. اشتغل بالحديث لكنه مطعون الرواية.
مقرئ الشام في عصره. له تصانيف كثيرة. الأعلام ٢/ ٢٤٥، ميزان الاعتدال ١/ ٢٣٧، لسان الميزان ٢/ ٢٣٧، غاية النهاية ١/ ٢٢١.
(٧) لم نعثر على ذكر لكتاب القوافي في المراجع التي بحوزتنا.
(٨) اكثر برانند كه شعر از يك بيت كمتر نباشد وبيت دو مصراع است كذا في عروض سيفي.
(٩) [لها] (+ م).