للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان ممكنا عقلا لا عادة فإغراق كقول الشاعر عمرو بن الأيهم التغلبي «١».

ونكرم جارنا ما دام فينا ونتبعه الكرامة حيث مالا الألف للإشباع ادّعى أنّ جاره لا يميل عنه إلى جانب إلّا وهو يرسل الكرامة والعطاء على إثره، وهذا ممكن عقلا ممتنع عادة، بل في زماننا يكاد يلحق بالممتنع عقلا. وإن لم يكن ممكنا لا عقلا ولا عادة فغلوّ، ويمتنع أن يكون ممكنا عادة ممتنعا عقلا.

فائدة:

اختلفوا في المبالغة. فقيل إنّها مردودة مطلقا لأنّ خير الكلام ما خرج مخرج الحقّ.

وقيل إنّها مقبولة مطلقا بل الفضل مقصور عليها لأنّ أحسن الشعر أكذبه وخير الكلام ما بولغ فيه. وقيل منها مقبولة ومنها مردودة وهو الراجح. فالمقبولة منها التبليغ والإغراق وبعض أصناف الغلوّ وما سواها مردودة. والأصناف المقبولة من الغلوّ ما أدخل عليه ما يقربه إلى الصحة نحو لفظ يكاد في قوله تعالى: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ الآية. ومنها ما تضمّن نوعا حسنا من التخييل كقول أبي الطّيّب:

عقدت سنابكها عليها عثيرا لو تبتغي عنقا عليه أمكنا «٢» ادّعى أنّ الغبار المرتفع من سنابك الخيل قد اجتمع فوق رءوسها متراكما متكاثفا بحيث صار أرضا يمكن أن تسير عليها تلك الجياد، وهذا ممتنع عقلا وعادة لكنّه تخييل حسن.

ومنها ما أخرج مخرج الهزل والخداعة كقولك:

أسكر بالأمس إن عزمت على الشّر ب غدا إنّ ذا من العجب ويقول في جامع الصّنائع: المردود من الغلوّ هو المحال الذي لا يتضمّن حسنا ولا لطفا ومثاله: البيت التالي ترجمته:

حين أجريت فرس دولتك وصل قبلك بمنزلتين ويقول في مجمع الصّنائع: من عيوب المدح المبالغة والإفراط في تجاوز حدود الممدوح أو التفريط.

ومثال الأول:

يا من تفتخر الكائنات بوجودك يا من أنت أكبر من المخلوقات وأقلّ من الخالق.

لأنّ مثل هذا المدح لا يليق إلّا بنبيّنا صلى الله عليه وسلم.

وكلّ من قيل في حقّه مثل هذا الكلام فهو تجاوز لحقه. وهو ملحق بمن ترك التأدّب بحكم الشرع. كما قال الشاعر الحكيم الأنوري: الذي قال وترجمته:

إنّ عظمتك في كمال قدرتك ليست كقدرة الله لأنّه تعالى لا شريك له.

ومثال القسم الثاني البيت التالي وترجمته:

الخواجا محمد ملك أخلاقه كالملاك ملك وحيد دهره في كرم الكفّ في العالم.

وذلك لأنّ طبقة الملوك لا يمدحون بأنّهم علماء ووحيد الدهر ففي ذلك قصور «٣».


(١) هو عمرو بن الأيهم بن الأفلت التغلبي، توفي نحو ١٠٠ هـ/ ٧١٨ م. شاعر معاصر للأخطل. وله شعر كثير. الاعلام ٥/ ٧٤، سمط اللآلي ١٨٤
(٢) لأمكنا (م)
(٣) ودر جامع الصنائع گويد مردود از غلو آنست كه محالى را ادعاء كند كه متضمن حسني ولطافتى نباشد مثاله. شعر.
چون براندى سمند دولت را. بدو منزل رسيد پيش از خويش. ودر مجمع الصنائع گويد از عيوب مدح مبالغة است كه از حد جنس ممدوح افراط كند يا تفريط مثال قسم اوّل. شعر. اي كائنات را بوجود تو افتخار. اي بيش ز آفرينش كم ز آفريدگار. چهـ اين قسم مدح جز پيغمبر ما را عليه الصلاة والسلام نشايد-