والحديث في "الموطأ"(٢/ ٨) ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه قال: اثني عشر بعيرًا؛ على الشك.
وهكذا أخرجه البخاري (٤٣٣٤)، ومسلم (٥/ ١٤٦)، وأبو عوانة (٤/ ١٠٦)، وكذا الشافعي (٢/ ١١٧ - البدائع)، والبيهقي (٦/ ٣١٢)، وأحمد (٢/ ٦٢/ ١١٢) كلهم عن مالك ... به على الشك؛ إلا أحمد في الموضع الثاني؛ فإنه رواه من طريق شيخه عن إسحاق: ثنا مالك ... به بلفظ الكتاب دون شك.
وهذا مما يخدج فيما نقله الحافظ في "الفتح"(٦/ ٢٣٩)، قال:
"قال ابن عبد البر: اتفق جماعة رواة "الموطأ" على روايته بالشك؛ إلا الوليد بن مسلم؛ فإنه رواه عن شعيب ومالك جميعًا؛ فلم يشك. وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب". قال الحافظ:
"قلت: وكذا أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث؛ بغير شك. فكأنه أيضًا حمل رواية مالك على رواية الليث. قال ابن عبد البر: وقال سائر أصحاب نافع: اثني عشر بعيرًا .. بغير شك، لم يقع الشك فيه إلا من مالك"!
قلت: يَرُدُّ الحملَ المذكورَ مِنِ ابن عبد البر والحافظ: روايةُ إسحاق المشار إليها عند أحمد؛ فإنها رواية منفردة غير مقرونة بغيره؛ فلا يصح الحمل المذكور بالنسبة إليها.
وإسحاق: هو ابن عيسى بن الطَّبَّاع؛ وهو ثقة من شيوخ مسلم، فالأظهر أن يقال - والله أعلم -: إن مالكًا رحمه الله كان أحيانًا لا يشك، فعليه يحمل صنيع المؤلف وغيره ممن كان يقرن رواية مالك برواية الليث أو غيره التي لا شك فيها. والله أعلم.