للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفه عليه الصلاة والسلام أيضًا بـ"السراج المنير" في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: ٤٦] .

والمراد: كونه هاديًا مبينًا كالسراج الذي يرى الطريق ويبين الهدى والرشاد، فبيانه أقوى وأتم وأنفع من نور الشمس، وإذا كان كذلك وجب أن تكون نفسه القدسية أعظم في النورانية من المشس، فكما أن الشمس في عالم الأجسام تفيد النور لغيرها ولا تستفيد من غيرها فكذا نفس النبي صلى الله عليه وسلم تفيد الأنور العقلية لسائر الأنفس البشرية، وكذلك وصف الله تعالى الشمس بأنها سراج حيث قال: {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: ٦١] .


أيضًا بالإسلام، "وصفه عليه الصلاة والسلام أيضًا بالسراج المنير في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} على من أرسلت إليهم " {وَمُبَشِّرًا} " من صدقك بالجنة، " {وَنَذِيرًا} " منذرًا من كذبك بالنار، " {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ} " إلى طاعته " {بِإِذْنِهِ} " أي: أمره فهو على ظاهره؛ لأن أمره إذن له أو المراد به الإرادة، فإنه كثيرًا ما يتجاوز به عنها وعن الأمر، كما في مجاز القرآن لابن عبد السلام، وفسر أيضًا بتوفيقه وتيسيره، " {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} " [الأحزاب: ٤٦] ، يستضاء به من ظلمات الجهالة، ويقتبس من نوره أنوار البصائر، "والمراد كونه هاديًا مبينًا كالسراج يرى الطريق"، أي: يكون سببًا في إراءتها، فالإسناد مجازي "ويبين الهدى والرشاد" الصلاح، وهو خلاف الغي والضلال، وهو إصابة الصواب، "فبيانه أقوى وأتم وأنفع من نور الشمس"؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل والشمس إنما يتبين بها ما يدرك بحاسة البصر من الألوان ونحوها فهو تفريع على قوله يبين الهدى، "وإذا كان كذلك وجب أن تكون نفسه القدسية أعظم في النورانية من الشمس، فكما أن الشمس في عالم الأجسام تفيد النور لغيرها ولا تستفيد من غيرها، فكذا. نفس النبي صلى الله عليه وسلم تفيد الأنوار العقلية لسائر" أي: لجميع "الأنفس البشرية" ولم يقل ولا تستفيد من غيرها، كما قال في الشمس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يستفيد الوحي من جبريل، ولذا وقع تشبيهه بالسراج؛ لأنه في غاية الوضوح والبلاغة؛ لأنه يستضيء من الوحي ويضيء للناس بما أتاهم به، ففيه من البلاغة ما ليس في قوله: شسمًا وقمرًا.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: قال علماؤنا: سمي سراجًا؛ لأن السراج الواحد يؤخذ منه السرج الكثيرة ولا ينقص من ضوئه شيء، وكذلك سرج الطاعات أخذت من سراجه صلى الله عليه وسلم ولم ينقص من أجره شيء "وكذلك وصف الله تعالى الشمس بأنها سراج، حيث قال: {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: ٦١] ، وفي قراءة سرجًا بالجمع، أي: نبرات وخص القمر

<<  <  ج: ص:  >  >>