للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ} ١ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد حين غزا أبو سفيان وكفار قريش: "إني رأيت كأني لبست درعاً حصينة، فأولتها المدينة فاجلسوا في صمعكم٢، وقاتلوا من ورائه"، وكانت المدينة قد شبكت البنيان فهي كالحصن، فقال رجل ممن لم يشهد بدراً: يا رسول الله اخرج بنا إليهم فلنقاتلهم، وقال عبد الله بن أبي بن سلول: نعم ما رأيت يا رسول الله، إنا والله ما نزل بنا عدو قط فخرجنا إليه إلا أصاب فينا، ولا ثبتنا في المدينة وقاتلنا من ورائها إلا هزمنا عدونا، فكلمه ناس من المسلمين فقالوا: يا رسول الله اخرج بنا إليهم فدعا بلأمته فلبسها، ثم قال: (ما أظن الصرعى إلا ستكثر منكم ومنهم، إني أرى في النوم بقراً منحورة فأقول: بقر والله خير، فقال رجل: يا رسول الله بأبي وأمي فاجلس بنا، قال: "إنه لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يلقى البأس".

فانطلقت به الأدلاء بين يديه حتى إذا كان بالواسط من الجَبَّنَةِ انخذل عبد الله بن أبيّ بن سلول بثلث الجيش أو قريب من ثلث الجيش، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم حتى لقيهم بأحد وفاجؤوهم، فعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه إن هزموهم ألا يدخلوا لهم حجراً ولا يتبعوهم، فلما التقوا هزموهم وعصوا


١ سورة آل عمران آية (١٥٢) .
٢ الأصمع: المترقي أشرف المواضع، القاموس ٩٥٣، صمع: فكأنه أراد اجلسوا في أحسن الأماكن ليكمن للعدو فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>