للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراوي: «فما سئل يومئذٍ عن شيء قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج» ولهذا احتاج إلى التقييد المفيد اختصاصه بأعمال ذلك اليوم بقوله: «يومئذ» التي منعت أن يلحق بهذا اليوم سواه. فتبين ها هنا بطلان قياسه على رمي جمرة العقبة يوم النحر وإفلاسه من دلالة حديث «فما سئل يومئذ عن شيء» إلى آخره على مراده، فبقى صفر اليدين من المستند، ورجع بخفي حنين فيما قصد.

وكان من أدلة هذا الرجل على جواز رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال عدم نهي النبي عن ذلك، كما يفهمه قوله ها هنا: فما سكت عنه فهو عفو. بل صرح به فيما سلف من رسالته.

فيقال: إن صح لك هذا صح لك أن تجوز الرمي بأكثر من سبع حصيات لكون النبي لم ينه عن ذلك.

فإن قلت: لا أفعل، لاقتصار النبي على سبع مع قوله: «خذوا عني مناسككم» قيل لك: لم لا تقتصر على الوقت الذي رمى فيه محتجًّا بقوله : «خذوا عني مناسككم» فإننا لا نكون آخذين عنه مناسكنا حقًّا إلا إذا رمينا بسبع حصات كما رمى، ورمينا المكان الذي رمى، وصدر منا ذلك في الزمان الذي رمى فيه، فإن اعتبار الزمان للعبادة هو أحد التوقيتين، فإن لهذه العبادة توقيتين: مكاني، وزماني. وهما أخوان، فمن فرق بينهما فقد فرق بين ما جمع الله.

وأيضًا لم ينه النبي عن رمي غير الجمرات الثلاث. أفيسوغ لنا أن نستدل بعدم النهي على أن نرمي موضعًا رابعًا. سبحانك هذا بهتان عظيم. وقد قدمت أن الرخص الشرعية لون، وتقديم العبادات على وقتها لون آخر.

<<  <   >  >>