للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما يعلمونه، بل اشتباه الأمر عليهم، وعدم تمييزهم (١) بين نوع ونوع = أوجب أَنْ جعلوا أحد النوعين مثل الآخر.

وقد عُلِمَ أَنَّ المعلِّق قد يقصد الإيقاع، فظنوا كُلَّ مُعَلِّقٍ يقصد الإيقاع حتى الحالف، فجحدوا ما يعلم بالاضطرار مِنْ عَدَمِ تمييزهم (٢) وتفريقهم بين نوعٍ ونوعٍ.

والحِسُّ يغلط إذا لم يكن معه عقل يُميِّز بين المشتبهات؛ فكذلك قد يغلطون في حسهم الباطن إذا لم يكن معهم ما يعقلون به الفرق بين نوع ونوع؛ ولهذا قيل: غلطوا في العقل ــ أيضًا ــ وغلطوا في السمع؛ حيث أنكروا أن تكون هذه أيمانًا في اللغة وَعُرْفِ الصحابة الذين خوطبوا بالقرآن، وغَلطوا في الشرع؛ حيث ألغوا ما اعتبره الشارع من الصفات المعتبرة فيه، كوصف كون الكلام يمينًا، وَعَلَّقُوا الحكمَ بكون الكلام تعليقًا جُعِلَ فيه الجزاء لازمًا للشرط، وهذا وصفٌ مُلْغًى مُهدَرٌ في الشرع، لم يعلق به حكمًا لا في النفي ولا في الإثبات.

وغلطوا في الجزم بمذاهب (٣) السلف حيث يحكون عن الصحابة والتابعين ما لم يقولوه، ويُقَوِّلُونهم أقوالًا لم [١٩٨/ أ] يقولوها، مع اعترافهم ببطلانها فصار فيهم نوعٌ من القرمطة في السمعيات والسفسطة في العقليات، حيث خرجوا عما يُعرف بالأدلة السمعية والعقلية.


(١) في الأصل: (تميزهم).
(٢) في الأصل: (تميزهم).
(٣) في الأصل: (الجزو هل مذاهب)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.