للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن [الله] تبارك وتعالى قال لرسوله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (١) [القيامة: ١٦ ــ ١٩]، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحِجر: ٩].

والذِكر إن لم يشمل السُّنَّة بلفظه شملها بمعناه، بل يشمل اللغة التي يفهم بها؛ لأن مقصود الحفظ هو بقاءُ الحجّة قائمة والتمكّن من الوصول إلى الحقّ دائمًا إلى قيام الساعة؛ لأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء، فتكفَّل الله تعالى بحفظ شريعته، بحيث مَن طلب الحقَّ فيها بإخلاصٍ وصدق وجَدَه. [ص ٨] فلا يخفى قبل أجل فناء الدنيا، وإلا اقتضت الحكمة إرسال غيره.

وهذا التكفُّل بالحفظ لا يعني إعفاء الأمة من وجوب عمل كلِّ ما مِن شأنه الحفظ، ألا ترى أن الكفالة الصريحة بحفظ القرآن لم تمنع الصحابة لمَّا استحرّ القتل في اليمامة بالقرَّاء، لم يمنع الصحابة علمهم بالكفالة عن أن يُبادروا بجمع القرآن.


(١) كتب المؤلف إلى {لِتَعْجَلَ بِهِ} وترك بعده بياضًا بمقدار سطر لبقية الآيات.