للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلتَّعَبُّدِ وَتَرْمِيمِهَا وَإِنْ مَكَّنَّاهُمْ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَوْ قَنَادِيلِهَا أَوْ كِتَابَةِ نَحْوِ التَّوْرَاةِ (فَبَاطِلٌ) لِكَوْنِهِ إعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ.

نَعَمْ مَا فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ لَا نُبْطِلُهُ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَإِنْ قَضَى بِهِ حَاكِمُهُمْ لَا مَا وَقَفُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ عَلَى كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ فَلَا نُبْطِلُهُ بَلْ نُقِرُّهُ حَيْثُ نُقِرُّهَا، أَمَّا نَحْوُ كَنِيسَةٍ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ أَوْ لِسُكْنَى قَوْمٍ مِنْهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَعَلَى نَحْوِ قَنَادِيلِهَا وَإِسْرَاجِهَا وَإِطْعَامِ مَنْ يَأْتِي إلَيْهَا مِنْهُمْ لِانْتِقَاءِ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ رِبَاطٌ لَا كَنِيسَةٌ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي ثُمَّ، وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى أَنَّهُ يَقِفُ مَا لَهُ عَلَى ذُكُورِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ حَالَ صِحَّتِهِ قَاصِدًا بِذَلِكَ حِرْمَانَ إنَاثِهِمْ، وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِهِ (أَوْ) عَلَى (جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا فُقَرَاءُ الزَّكَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ. نَعَمْ الْمُكْتَسِبُ كِفَايَتَهُ وَلَا مَالَ لَهُ يَأْخُذُهَا (وَالْعُلَمَاءُ) وَهُمْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْمَدَارِسِ وَالْكَعْبَةِ وَالْقَنَاطِرِ وَتَجْهِيزِ الْمَوْتَى فَيَخْتَصُّ بِهِ مَنْ لَا تَرِكَةَ لَهُ وَلَا مُنْفِقَ (صَحَّ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْوَقْفِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ عَلَى جَمَادٍ لِأَنَّ نَفْعَ ذَلِكَ رَاجِعٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا لِانْقِطَاعِ الْعُلَمَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الدَّوَامَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ إمْكَانِ حَصْرِ الْجِهَةِ، فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ كَالْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ صَحَّ كَذَلِكَ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ (أَوْ) عَلَى (جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِجِهَةِ الْقُرْبَةِ مَا ظَهَرَ فِيهِ قَصْدُهَا وَإِلَّا فَالْوَقْفُ كُلُّهُ قُرْبَةٌ (كَالْأَغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَجُوزُ بَلْ تُسَنُّ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ، فَالْمُرَاعَى انْعِقَادُ الْمَعْصِيَةِ عَنْ الْجِهَةِ فَقَطْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ كَالْوَصِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحْسَنَّا بُطْلَانَهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْفُسَّاقِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَهُوَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ، وَمَنْ زَعَمَ عَدَمَ صِحَّتِهِ مَعَ سَنِّ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَكَيْفَ لَا يَظْهَرُ فِيهِمْ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَقَدْ وَهَمَ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَا يَظْهَرُ وَلَا يُوجَدُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ فِيهِ تَعْظِيمُ غَيْرِ الْإِسْلَامِ مَعَ إنْكَارِهِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمُجَرَّدُ تَعْظِيمِهِ مَعَ اعْتِقَادِ حَقِّيَّةَ الْإِسْلَامِ لَا يَضُرُّ أَيْضًا لِجَوَازِ كَوْنِ التَّعْظِيمِ لِضَرُورَةٍ فَهُوَ تَعْظِيمٌ ظَاهِرِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ، فَإِنْ صَحَّ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ حُمِلَ عَلَى تَعْظِيمٍ يُؤَدِّي إلَى حَقَارَةِ الْإِسْلَامِ كَاسْتِحْسَانِ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ دِينُهَا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ مَعَ التَّعْظِيمِ

(قَوْلُهُ: لِلتَّعَبُّدِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ، وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا: أَيْ فَنُبْطِلُهُ وَإِنْ قَضَى إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ نُقِرُّهُ حَيْثُ نُقِرُّهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ شُرُوطَهُ عِنْدَهُمْ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ فِي شَرِيعَتِنَا مُعْتَبَرًا فِي شَرِيعَتِهِمْ حِين كَانَتْ حَقًّا (قَوْلُهُ: لِنُزُولِ الْمَارَّةِ) أَيْ وَلَوْ ذِمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: حَالَ صِحَّتِهِ) أَيْ أَمَّا فِي حَالِ مَرَضِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْإِنَاثِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا مَالَ لَهُ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الِاسْتِدْرَاكِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ لَهُ مَالٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ لَا يَأْخُذُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَقِيرًا فِي الزَّكَاةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْفَقِيرِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمِسْكِينَ فَمَنْ لَهُ مَالٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ لَكِنَّهُ لَا يَكْفِيهِ فَقِيرٌ (قَوْلُهُ: وَالْعُلَمَاءُ) أَيْ وَيُصْرَفُ لَهُمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ (قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ صَحَّ) وَعَلَى الصِّحَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي الصَّرْفَ لِثَلَاثَةٍ، لَكِنْ لَا يَتَّجِهُ هُنَا إذَا فَضَلَ الرُّبُعُ عَنْ كِفَايَتِهِمْ لَا سِيَّمَا مَعَ احْتِيَاجِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِجِهَةِ الْوَقْفِ خَاصَّةً حَتَّى يُخْرِجَ نَحْوَ الزَّوْجَةِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ أَوْ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَى بِهِ حَاكِمُهُمْ) أَيْ: فَنُبْطِلُهُ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْبِيرُ يُوهِمُ ابْتِدَاءً أَنَّ مَا سَيَذْكُرُهُ يُخَالِفُ حُكْمَ مَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ. (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَظْهَرُ وَلَا يُوجَدُ) قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ هَذَا حَقَّ الْجَوَابِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا بَلْ ادَّعَى الظُّهُورَ فِي الْإِغْيَاءِ الَّذِي نَفَاهُ الْمُصَنِّفُ فَكَانَ حَقُّ الْجَوَابِ إنَّمَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>