للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ شَرْطٍ أَوْ مَصْرِفٍ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى تَعَيُّنِهِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الِانْقِطَاعُ إلَّا مَعَ الْإِبْهَامِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (ثُمَّ الْفُقَرَاءُ فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ) لِوُجُودِ الْمَصْرِفِ حَالًّا وَمَآلًا، وَمَصْرِفًا عِنْدَ الِانْقِطَاعِ كَمَصْرِفٍ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ، لَكِنَّ مَحِلَّهُ إنْ عُرِفَ أَمَدُ انْقِطَاعِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَرَجُلٍ صَرَفَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ لِمَنْ بَعْدَ الْمُتَوَسِّطِ كَالْفُقَرَاءِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ كَكَثِيرٍ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (وَقَفْت) كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا أَوْ ذَكَرَ مَصْرِفًا مُتَعَذِّرًا كَوَقَفْتُ كَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ مُتَمَلِّكًا بَطَلَ كَالْبَيْعِ وَلِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَصْرِفِ كَعَلَى مَنْ شِئْت وَلَمْ يُعَيِّنْهُ عِنْدَ الْوَقْفِ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ يُبْطِلُهُ فَعَدَمُهُ بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا صَحَّ أَوْصَيْت بِثُلُثَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا حَيْثُ يُصْرَفُ لِلْمَسَاكِينِ الْقَائِلُ بِهِ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ هُنَا لِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لَهُمْ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا أَوْسَعُ لِصِحَّتِهَا بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجِسِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمَصْرِفَ وَاعْتَرَفَ بِهِ صَحَّ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى زَوْجَتَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ مَعَ لَفْظٍ يَحْتَمِلُهَا وَلَا لَفْظَ هُنَا يَدُلُّ عَلَى الْمَصْرِفِ أَصْلًا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَاحِدٍ نَوَيْت مُعَيِّنًا لَا يَصِحُّ قِيلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ

(وَلَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَحِلُّ وَلَا يَصِحُّ (تَعْلِيقُهُ) فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ (كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْت) كَذَا عَلَى كَذَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْلًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَالًّا كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَجَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِهِ كَوَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَوْلِ الْقَفَّالِ لَوْ عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ كَانَ رُجُوعًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ بِأَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ أَقْوَى، فَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَّا بِنَحْوِ الْبَيْعِ دُونَ نَحْوِ الْعَرْضِ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ نَجَزَهُ وَعَلَّقَ إعْطَاءَهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ جَازَ كَالْوَكَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيَجُوزُ فِيهِ الْإِسْكَانُ (قَوْلُهُ: دَلَّتْ قَرِينَةٌ) فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَا فِيهِ التَّرَدُّدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَحِلُّ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ثُمَّ يُعَيِّنُ الْمَصْرِفَ اهـ شَرْحَ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ قِيلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ) عِبَارَةُ حَجّ قَبْلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ.

وَالْمُرَادُ مِنْهَا ظَاهِرٌ، أَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَمْ يَظْهَرْ الْمُرَادُ مِنْهُ، فَإِنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ لَمْ تُؤْخَذْ مِمَّا ذَكَرَ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ أَوْ وَاحِدٍ مُحْتَمَلٌ لِمَا نَوَاهُ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلصِّحَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعْيِينٌ كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَإِنْ نَوَى مُعَيَّنًا فَيَكُونُ مَا ذَكَرَ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَأَنَّ مَا سَيَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْبِنَاءِ يَكُونُ وَقْفًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ تَنْجِيزِ وَقْفِيَّتِهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَانِي وَلَوْ كَانَ هُوَ الْوَاقِفُ، لَكِنْ سَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا إلَخْ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدَرَانِ الْمَوْقُوفَةِ يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَيَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا، قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ اهـ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَيْضًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَوْقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ بَطَلَ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

إرَادَتِهِ أَحَدَهُمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَرَدُّدَ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَرَجُلٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ وَمِثَالُ مَا يُعْرَفُ أَمَدُ انْقِطَاعِهِ كَأَنْ يَقُولَ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى عَبْدِ زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ كَوَقَفْتُ كَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَكَأَنَّهُ وَصِيُّهُ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصَايَا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَفِي عَدَمِ صَرْفِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>