للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَسْتَوِي الإِنَاثُ وَالذُّكُوْرُ ** فِيْهِ) يعني في الثلث [نعم خليكم معي]، (كَمَا قَدْ أَوْضَحَ الْمَسْطُوْرُ) يعني كالذي قد ما هنا موصولة بمعنى الذي، و (قَدْ) للتحقيق، و (أَوْضَحَ) هذا فعل ماضي أوضحه (الْمَسْطُوْرُ)، (الْمَسْطُوْرُ) فاعل، والمراد به المكتوب الكتاب يعني القرآن، هو الذي أوضح هذا (أَوْضَحَ الْمَسْطُوْرُ) المسطور فاعل أوضح يعني بيَّنَه وزاده إيضاحًا بالنص عليه والمفعول به محذوف، تقديره أوضحه المسطور أي المكتوب أي القرآن فهو عام أريد به خاص بقرينة المقام، لأن المسطور عام، لا يصدق على القرآن فقط ليس خاصًا بالقرآن، إنما كل كتاب هو مسطور، حينئذٍ من باب إطلاق العام إرادة الخاص (كَمَا قَدْ أَوْضَحَ الْمَسْطُوْرُ) أي المكتوب وهو القرآن العزيز في قوله: {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} والشركة إذا أُطلقت تقتضي المساواة، حينئذٍ لا نقول إذا قيل بأنه لهم الثلث {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} إن وُجد إناث وذكور حينئذٍ لا نقول بأن {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} بل يستوون كلهم، يعني لو كان الثلث مثلاً ثمانية، وهم ثمانية أربعة ذكور وأربعة إناث فلكل واحد سهم واحد، ولا نقول: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} وهذه من المسائل التي يخالف الإخوة لأم غيرهم من الورثة، فإن التشريك إذا أُطلق يقتضي المساواة، وهذا مما خالف فيه أولا الأم غيرهم، فإنهم خالفوا غيرهم في أشياء خمسة أشياء:

الأول: ما ذكرناه سابقًا أن ذكرهم لا يعصب أنثاهم، لا يعصب يعني؟ - إيش معنى لا يعصب؟ -، معذورون ما جئنا للتعصيب، يعني لا يأخذ الذكر ضعف ما للأنثى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} هذا جزء من التعصيب، حينئذٍ الذكر يأخذ مثل حظ الأنثيين، كانت المرأة البنت تأخذ مثلاً الواحد وهو يأخذ اثنين، هذا يسمى تعصيبًا، تأتي في محله، أن ذكرهم لا يعصب أنثاهم، هذا الأول.

الثانية: لا يفضل ذكرهم على أنثاهم في الإرث اجتماعًا ولا انفرادًا، يعني يستوون من حيث الاجتماع ومن حيث الانفراد، أخٌ لأم بشرطه يأخذ السدس، أخت لأم تأخذ السدس، مجتمعون يأخذون السدس بالسوية، لا فضل لذكر على أنثى البتة بخلاف ما هو الشأن في غيرهم.

ثالثًا: يرثون مع من أدلوا به، والقاعدة في الباب المواريث أن كل من أدلى بشيء حجبته تلك الواسطة، فهنا أدلوا بالأم، والأصل أن الأم تحجبهم، ولذلك ابن الابن مثلاً ما الواسطة بينه وبين الميت؟ نقول: الابن، ابن الابن أبوه هو الواسطة لا يجتمع معه أحد البتة في الإرث، لا بد أن يكون الأب غير موجود، حينئذٍ إذا وُجد أبوه منعه يعني حجبه. هنا قال: ويرثون مع من أدلوا به ابنُ الابن لا يرث مع أبيه البتة لا يجتمعون، لأنه أدلى بالأب حينئذٍ يكون مانعًا له، إلا الإخوة لأم، فهم يرثون معها أدلوا بالأم ويرثون معها هذه ميزة خاصة لهم.

رابعًا: وتحجب بهم أي الأم، يعني حجب نقصان لأنهم يحجبونها من الثلث إلى السدس يرثون معها ويحجبونها كذلك، لكن إذا كانوا جمعًا كما سبق في الآية السابقة، وتحجب بهم أي الأم لأنهم يردونها إلى السدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>