للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: هذا باب بيان إرثه، الميراث بمعنى الإرث، ونحوهم كما في بعض النسخ، وهذا أولى لأن الحكم ليس خاص بالغرقى، وإنما المراد جماعة يتوارث بعضهم من بعض وقد شملهم حادث واحد ماتوا معًا، ولا يعلم السابق واللاحق الترتيب أو دون ترتيب كما سيأتي، إذًا ليس خاصًّا بالغرقى، وإنما الغرق سبب يعم من حيث الحكم وغيره مثله (بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى) أي هذا باب بيان إرثهم، (وَالْهَدْمَى) ونحوهم كالحرقى والقتلى في معركةٍ قتال، وقد سبق أن المصنف رحمه الله تعالى بَيَّن أو أشار أن شروط الإرث سيأتي ذكرها في آخر الباب، ولو قدمها هناك لكان أولى، قد يعلم بعضها من ميراث الغرقى، وهو الثالث هنا الذي يُستحق حياة الوارث بعد موت المورث، وهذا سبب فيما ذكر المصنف هنا أن العلماء اختلفوا في الغرقى والهدمى والحرقى هل يرثون؟ يرث بعضهم من بعض أو لا؟ سبق أن من الشروط صحة الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث حقيقةً أو حكمًا، لا بد أن يكون الوارث ولو بلحظةٍ واحدة محكوم عليه بالحياة بعد موت المورث، وهنا جُهِل، حينئذٍ الأصل فيه عدم التوريث، وهذا أوان بيانها فنقول: اعلم أن شروط الإرث الآتي، وهذا سبق بيانها أحدها يختص بالقضاء العلم بالجهة المقتضية بالإرث القرابة أو النكاح الولاء يعني: السبب، وبالدرجة كالبنوة، والإخوة .. إلى آخره التي اجتمع فيها المورث والوارث تفصيلاً، يعني: حصل اجتماع وارتباط بين الوارث والمورث، ليس كل شخص يرث من شخصٍ آخر لا، لا بد أن يكون بينهما ارتباط، ما هو هذا الارتباط؟ بينه الشرع، إما نكاح، أو قرابة نسب، أو ولاء، وثَمَّ أسباب قد اختلف فيها أهل العلم كما سبق بيانه، وفي الدرجة التي اجتمع فيها المورث والوارث تفصيلاً، يعني: بيان قوتها ككون أخًا شقيقًا هذا قوي، كونه أخ لأب هذا ضعيف، فلو شهد شخص عند قاضٍ بأن هذا وارثه فلا يكفي ذلك حتى يبين سبب إرثه تفصيلاً، ومن هنا قال أهل العلم بأن المواريث هذه لا يستفتى عنها، لا تقل هلك هالك كذا كذا وأنت لوحدك السائل لا، لا بد أن ينظر فيها قاضٍ بأن يجمع من يثق فيهم، أو من يوثق فيهم، أو من يكون هم الناطق الرسمي، فيعلم من الذي بقي لا من الذي ورث، يعنى: أنت ما تسأل العامي عندما يسأل من يرث؟ هو ما يعرف من يرث، هذا حكم شرعي، وإنما من بقي من قرابته؟ فيبين لك كذا وكذا فتحكم بأن هذا وارث، وهذا ليس بوارث، فإذا كان السائل عامي لا يعرف من يرث ومن لا يرث، ولذلك من الخطأ البين أن يجاب في مثل هذه المسائل، وإلا الأصل لا ما يصح أن يجيب، هلك هالك عن كذا وكذا مات وترك وزع التركة لا ما يصلح هذا، لا بد أن ينظر المستفتي فيكون قاضيًا حينئذٍ، يكون قاضيًا بأن يجمع من قرابة الميت؟ يسأل عن هؤلاء من الذكور ومن الإناث، حينئذٍ [إذا جمع الورثة] إذا جمع القرابة عرف من يرث ومن لا يرث، وهذا ما يسمى الآن في المحاكم صك الورثة، لا بد من إظهار الصك، يعني يعرف هذا يرث أو لا يرث، فلو شهد شخص عند قاضٍ عامي يعني بأن هذا وارث نقول: لا أنت ما تعرف، بَيِّن لنا جهة قرابة ونحن نحكم بأنه وارث أو ليس بوارث، ولذلك قال هنا الشارح: فلا يكفي ذلك حتى يبين سبب إرثه تفصيلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>