للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَسْأَلُهُ) لما كان قوله: (حَمْدًا كَثِيرًا تَمَّ في الدَّوَامِ) فيه إيهام لأن الناظم قد قام بحق النعمة دفعه بقوله: (أَسْأَلُهُ الْعَفْوَ عَنِ التَّقْصِيرِ) إذًا السابق الذي قد يُوهم بأنه أدى ما عليه هذا منتقضٌ بما ذكره بعده (أَسْأَلُهُ) يعني أطلبه هنا السؤال يكون باللسان على الأصل (أَسْأَلُهُ الْعَفْوَ) أي ترك المؤاخذة صفحًا وكرمًا، يعني بصفحه عني وكرمه عليَّ، (عَنِ التَّقْصِيرِ) هذا مصدر قَصَّرَ يُقَصِّرُ تَقْصِيرًا والمراد به التواني في الأمور المطلوبة شرعًا. (وَخَيْرَ مَا نَأْمَلُ) خيرَ بالنصب أي وأسأله جعل وعلا خير ما نأمل، يعني بفتح النون وضم الميم المراد بالأمل الرجاء يعني ما نرجو، (وَخَيْرَ) على بابه لأنه أفعل تفضيل (في الْمَصِيرِ) أي المرجع (في الْمَصِيرِ) هذا متعلق بمحذوف أي حال كونه واقعًا في المصير، في المرجع أي يوم القيامة يعني، وليس متعلقًا بـ (نَأْمَلُ) لأن الأمل يكون في الدنيا ليس في الآخرة، والمرجوء هنا إنما يكون في الآخرة، لا بد من تعليقه بمحذوف في الأصل يجوز (نَأْمَلُ) يجوز أن يتعلق به قوله: (في الْمَصِيرِ) لكن المعنى الأكمل أن يتعلق بمحذوف، (نَأْمَلُ في الْمَصِيرِ) الأمل أين يكون في الدنيا، والمأمول إنما يكون في الآخرة. إذًا (في الْمَصِيرِ) متعلق بمحذوف أي حال كونه واقعًا في المصير، وليس متعلقًا بـ (نَأْمَلُ) لأن الأمل حاصلٌ في الدنيا والمأمول يقع في الآخرة. (في الْمَصِيرِ) أي المرجع، والمراد به يوم القيامة يوم يرجع فيه الخلق إلى الله تعالى. قال تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [يونس: ٤] (وَغَفْرَ مَا كَانَ مِنَ الذُّنُوْبِ)، (وَغَفْرَ) بإسكان الفاء ليس بالفتح فأسأله غفرًا معطوف على العفو، وأسأله غفر أي سَتْرًا، فسره [الناظم هنا] الشارح بالستر، والستر لا يلزم منه محو الذنب، يعني مراده هنا تغطية الذنب فقط، والغفر المراد به على الصحيح الستر مع المحو، سترٌ ومحوٌ معًا يعني من الصحيفة بالكلية، وأما تفسره بالستر فقط وإن كان هو المأخوذ من المِغْفَر لستره الرأس لكن فيه ثم زيادةٌ وهو المحو. (وَغَفْرَ مَا كَانَ) يعني الذي كان (مِنَ الذُّنُوْبِ) بيان لـ (مَا) ما كان من الذنوب فلا يُظهرها بالعتاب عليها و (الذُّنُوْبِ) جمع ذنبٍ وهو الْجُرْم بضم الجيم وإسكان الراء، وهو ما فيه عقابٌ (وَسَتْرَ مَا شَانَ مِنَ العُيُوبِ) ستر يعني تغطية بحيث لا يظهر ذلك للناس، لأن تحصل الفضيحة (مَا شَانَ) يعني الذي شان وقَبُحَ من الشين وهو الْقُبْحُ، أو من ما فيه لَوْم فقط فيكون مغايرًا لما قبله، أو من ما فيه لومه أو عقاب فيكون أعم من ما قبله. من العيوب جمع عيب وهو النقص إذًا

وَغَفْرَ مَا كَانَ مِنَ الذُّنُوبِ ... وَسَتْرَ مَا شَانَ مِنَ العُيُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>