للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(التَّابِعِي) من هو التابعي؟ هو من اجتمع بالصحابي وأخذ عنه، (أولَى بإتَّبَاعِ)، يعني: بمتابعة، (التَّابِعِي)، (التَّابِعِي) من هو؟ إما أن نجعله التابعي الخاص المصطلح عليه عند أرباب الحديث المصطلح بأنه من اجتمع بالصحابي وأخذ عنه، وإما أن نجعل أل هنا للجنس حينئذٍ تَعُمُّ كل من أراد أن يتبع شخصًا فيكون زيد أولى بالإتباع، واضح هذا؟ (فَكَانَ أولَى بإتَّبَاعِ التَّابِعِي) التابعي وتقليد المقلَّد، حينئذٍ من أراد أن يقلّد إمّا أن يقلّد صحابيًّا أو غيره، قال لك: الأولى أن تقلّد زيد بن ثابت، وهل أنت من التابعي؟ نعم لأنك أردت أن تتبع غيرك فيصدق عليك أن تابعيٌّ، إذًا خلاصة قوله: (بإتَّبَاعِ التَّابِعِي). (التَّابِعِي) إما أن يراد به المصطلح الخاص عند أهل الحديث، وهو: من أدرك الصحابي وأخذ عنه، أو اجتمع بالصحابي وأخذ عنه، وإما أن يراد به جنس التابعي، فيشمل التابعي بالمعنى الخاص وغيره، لأن المراتب هكذا صحابيٌ، ثم تابعي، ثم تابع التابعي، ثم أتباع أتبَاع الأتباع وهلمَّ جرّا.

(فَكَانَ أولَى بإتَّبَاعِ التَّابِعِي) قال بعضهم: ما لم يكن الدليل على خلافه. هذا واضح بيِّن، وهم من يريدوا أنهم يقلّدوا خاصة الأئمة الكبار أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، هؤلاء عندهم المتابعة بالدليل، وليست المتابعة بالمعنى الأخص عند المتأخرين التي هي أخذُ القول دون نظرٍ في دليل، لا التقليد عند المتأخرين ليس هو كسابِقِهِ.

أولاً: كان يؤخذ القول تحريم تحليل، يرث لا يرث ... إلى آخره مع النظر في دليله، وهذا هو الإتباع، وأما النظر والأخذ بالقول فحسب، يعني: بالحكم دون النظر في الدليل هذا يسمى ماذا؟ يسمى تقليدًا، والأصل في التقليد التحريم، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يقلّد غيره في أخذ الأحكام الشرعية إلا لضرورةٍ، وكونه ليس أهلاً للنظر في الأدلة الشرعية يعتبرُ ضرورةً، لأن العوام حكمهم، العوام ما حكمهم؟ التقليد، حكمهم يجبُ أن يقلد، ويحرم عليه أن ينظر في الكتاب والسنة الأدلة مباشرةً، كيف نقول: يحرم التقليد؟ ثم نقول: يحرم عليه النظر في الكتاب والسنة والاستنباط؟ نقول: نعم، النظر في الكتاب والسنة واجبٌ بشرطه كالدخول في الصلاة، صلاة الظهر واجبة بشرطها وهو الطهارة مثلاً وسائر الشروط، كذلك النظر في الأدلة الكتاب والسنة جائز واجبٌ لكنه بشرطه وهو تحصيل الأهلية أن يكون أهلاً للنظر بأن يستجمع شرائط النظر في الكتاب والسنة، ليست المسألة هكذا عقلية ينظُر يفتح القرآن ويستنبط ما شاء، لا، لا بد أن يكون أهلاً للنظر بأن يكون عنده من لسان العرب ما يكفيه ومعرفة الخلاف والإجماعات ونحو ذلك مما يذكرُ في الأبواب المتأخرة في أصول الفقه، حينئذٍ نقول: (أولَى بإتَّبَاعِ التَّابِعِي). فالأئمة الأربعة كونهم إذا قلّدوا غيرهم من الصحابة مرادهم به الإتباع، يعني: الأخذُ بالقول مع النظر في الدليل، وقوله: (لاسيما وَقَدْ نَحَاهُ الشافِعِي). الشافعي ليس مقلدًا لزيد بن ثابت، وإنما هو ناظرٌ في أقواله معتمدًا أدلتَهُ، يعني: يكون ثَمَّ نظران.

نظرٌ في القول كونه حكم بالتوريث أو لا.

ونظر آخر فيما أعتمد عليه زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>