للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى آخره، أو ذهب إلى التحريم، أو للكراهة، أو للوجوب لا بد من نقل مع قول الزهري دليله لننظر فيه هل يُسلّمُ له أو لا؟ يحتمل أنه قال بالوجوب اعتمد على حديث ضعيف فسقط القول، ويحتمل أنه قال بالوجوب ولم يلتفت أو لم يصل إليه القرينة الصارفة التي تصرف الوجوب إلى الندب، أو قال بالتحريم وعندنا قرينة صارفة للكراهة، أو قال بالكراهة وليس ثَمَّ قرينة واضحة بينة تصرفهُ إلى الكراهة بل هو على التحريم، فإذا نقل قول لواحد من الأئمة غير الأربعة الذين خُدِمت أقوالهم وبين وجه الاستدلال بالكتاب والسنة من حيث هذه الأقوال حينئذٍ لا يعتمد ولا يعتبر مذهب، فلا يقال مذهب الزهري كذا أو كذا إلى آخره، لا بد من نظر في الدليل، وعليه نقول: لا ينبغي الخروج عن المذاهب الأربعة. هذا تقييد كلام ابن رجب، لا ينبغي الخروج عن المذاهب الأربعة، لأن هذه الأقوال حُفِظَتْ، محفوظة ونُظِرَ في مدى استناد هذه الأقوال إلى الأدلة، بل وحفظت الأصول التي استنبطوا بها الأحكام الشرعية لهؤلاء الأئمة الأربعة، وأما من عداهم فلا، نحن ليس عندنا مثلاً أقوال الزهري محفوظة من حيث التأصيل، أصول الإمام أحمد، أصول الإمام الشافعي محفوظة نعرف ما الذي متى يقول بالوجوب متى لا يقول، الإمام أحمد ترتيب الأدلة عنده كلها محفوظة هذه، أما الزهري والليث وغيره نقول: هذه ليست محفوظة، وعليه لا يخرج إليها مع ترك المذاهب الأربعة، هذا مراد ابن رجب رحمه الله تعالى وله حظ من النظر، يعني: إذا وُجِدَ قول محفوظ لغير الأئمة الأربعة ولم يُنقل معه دليله ووجه الاستدلال أو .. أو .. إلى آخره مما يعتمده الفقيه لا يلتفت إلى هذه القول، لأن أقوال مجردة هكذا هذا ممكن يفرحُ به المقلَّدة، وأما من أراد الدليل فلا، التحريم حرام واجب إلى آخره نقول: لا، ولذلك إذا مرت معك مثل هذه الأشياء في الموسوعات الفقهية لا تشوش عليك، خاصةً إذا لم ينقل عن صحابي يقول بهذا القول، لأنه لو وُجِدَ قول صحابيٌ ممكن وصحَّ ممكن نحن نجتهد في ماذا؟ في بيان ما استند إليه الصحابي، وهذا كثير موجود حتى عند الأئمة الأربعة، ينقل قول ثم قد لا يُبيَّن مدى استناد هذا القول إلى نصٍّ من كتابٍ أو سنة، بفهمنا لطريقة الإمام نستطيع أن نجعل لهذا القول دليلاً شرعيًّا، وهذا لا إشكال فيه، لأن الأئمة لهم طرق ليست الأمور عندهم فوضى هكذا يرجح صباح مساء ويختلف إلى آخره، ليست الترجيح أو الترجيحات عندهم بالعشوائية، لا لهم منهج ولهم طريق، حينئذٍ يمكن أن تستدل لقولٍ لم ينقل دليله عن الإمام أحمد ببيان طريقته التي اعتمدها في التفقه، وهذا واضح بين ولا إشكال فيه ولا يعترض على هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>