للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في شرح الترتيب: وخرج بقوله: يثبتُ لمستحقه أو مستحق ما إذا أغتاب شخصًا وتعذر استحلاله لموته، فلا يكفي استحلالُ وارثه بل يستغفر الله له، إذا اغتاب شخصًا حينئذٍ ثبت الحق لذلك الذي اغتيب، إذا مات في حال الحياة الأصل على قول أنه لا بد من استحلاله، وإن كان هذا ليس بلازم، والصواب أنه يستغفر له ويذكره في المجلس الذي ذكره بسوء بألقاب حسنة، يعني يمدحه في ذلك المجلس الذي اغتابه فيه، هذا هو الأصل، ولا يُلزم بالذهاب والاستحلال لأنه يترتب عليه مفاسد عظيمة، حينئذٍ فيه نوع مشقة، وعلى هذا القول أنه لابد من الاستحلال إذًا صار صاحب حق، كيف يستحل بعد الموت؟ هل ينتقل الحق إلى الورثة؟ الجواب: لا، لا ينتقل الحق إلى الورثة، صاحب الحق الذي اغتيب هو الذي يُسْتَحَل، هو الذي يُطلب منه الاستحلال إذا مات حينئذٍ لا نذهب إلى الورثة ونقول: استغفروا لنا أو سامحونا ونحو ذلك، لماذا؟ لكون صاحب الحق مات، وانقطع الحق بموته، إذًا لو ادَّعَى الورثة أنهم أصحاب حق في ذلك، نقول: هذا لا يَثْبُتُ لمستحق لا يثبت لمدعيه. بعد موت من كان له ذلك، يعني خرج به الحقوق الثابتة بالشراء ونحوه، فإنها تكون ماذا؟ فإنها حقوق ثابتة لصاحبها لكن قبل الموت، فالشراء والبيع وما يترتب عليهما هذا حق ثابت لكنه في حال الحياة لا بعد الموت، لقرابة بينهما خرجت الوصية على القول بأنها تملك بالموت لأنها لا يشترط فيها أن تكون لقريب، فقد تكون لأجنبي، وأما الإرث لا يكون لأجنبي البتة وإنما يكون لقرابة ونحوها، أو نحوها نحو القرابة ما هو؟ النكاح والولاء يعني لأسباب أسباب الميراث أو نحوها المراد به أسباب الميراث البقية عن القرابة، والقرابة تمثل النسب ونحوها تمثل الولاء والنكاح، هذا المراد بالميراث بمعنى الموروث حق قابل للتجزي يثبت لمستحقٍ بعد موت من كان له ذلك لقرابة بينهما أو نحوها.

قال المصنف الناظم رحمه الله تعالى:

أَسْبَابُ مِيْرَاثِ الْوَرَى ثَلاَثَةْ ... كُلٌّ يُفِيْدُ رَبَّهُ الْوِرَاثَةْ

وَهْيَ نِكَاحٌ وَوَلاَءٌ وَنَسَبْ ... مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيْثِ سَبَبْ

(أَسْبَابُ) هذا مبتدأ جمع سبب، وعرفنا السبب في اللغة والاصطلاح، والمراد به السبب الشرعي، خرج به السبب العادي، والسبب العقلي فلا مدخل له في هذا العلم لأنه علم شرعي، فليس للعقل فيه مجال وليس للطبيعة أو العادة له مجال.

(أَسْبَابُ مِيْرَاثِ) ميراث عرفنا أنه مصدر، ويطلق المصدر ويراد به الإرث المعنى المصدري، يطلق ويراد به الشيء الموروث، وأي المعنيين المراد هنا؟

الأول، ولذلك قلنا المراد بقوله: (أَسْبَابُ مِيْرَاثِ). أسباب الإرث، يعني متى يثبتُ الإرث لزيد؟ هل إذا مات الشخص وترك تركة كل واحد يدعي أنه يرثه أم ثَمَّ ضوابط؟

<<  <  ج: ص:  >  >>