للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن الرب جل وعلا جمع بينهما، فحينئذٍ نقول الجمع بينهما كالجمع بين قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] ولذلك المراد عند الأصوليين أن دلالة الاقتران لا تفيد حكمًا يعني دلالة الاقتران ضعيفة في إفادة الأحكام ولذلك رُدَّ على من قال بوجوب العمرة استدلالاً بقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [البقرة: ١٩٦]. جمع بينهما قال: الحج واجب. إذًا العمرة ماذا؟ واجبة، لأنه قرنها مع الحج نقول: هذه دلالةٌ ضعيفة، ثم الآية ليست في الحج وإنما هي في وجوب الإتمام ووجوب الإتمام ليس كإنشاء العبادة من أصلها حينئذ نقول: الدلالة ضعيفة وعليه الاستدلال بهذه الآية في كراهة إفراد السلام عن الصلاة أو الصلاة عن السلام ضعيفة فنحتاج إلى دليل يأتي بالنهي بخصوصه، وإنما يقال: فيه الخلاف الأولى على ما ذكرناه سابقًا في التفرقة بين كراهة وخلاف الأولى. ولذلك قال ابن الجوزي رحمه الله: وأما الجمع بين الصلاة والسلام فهو الأولى والأكمل والأفضل لقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: ٥٦]. - وهذا لا نزاع أنه أفضل وأكمل لا نزاع فيه - ولو اقتصر على أحدهما جاز من غير كراهة فقد دار عليه جمع منهم مسلم رحمه الله في صحيحه خلافًا للشافعية لأن أكثر من شيع القول بالكراهة هم الشافعية، والنووي رحمه الله له نصيب أوفر حتى إن الشافعي رحمه الله تعالى اقتصر على الصلاة دون التسليم في خطبة الرسالة وهو من السلف بل من أئمة السلف اقتصر على الصلاة دون التسليم في خطبة الرسالة ويُنسب إلى مذهب الشافعي الكراهة بإفراد أحدهما عن الآخر، نعم امتثالاً للآية أفضل وأسلم لكن القول بالكراهة لا دليل عليه، ولذلك نقول: جمع هنا بين الصلاة والسلام لا لكونه إذا أفرد أحدهما وقع في الكراهة وإنما لكمال الانتساب.

(مُحَمَّدٍ عليهِ صَلَّى اللهُ ** معَ سَلامٍ) صلى الله عليه جار ومجرور متعلق بقوله: صلى، والصلاة كما هو مشهور عند المتأخرين على ما قاله الأزهري: صلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين التضرع والدعاء. وهذا عليه إشكال يرد عليه إشكالات لأن تعين الصلاة بأنها من الله الرحمة هذا ورد التغاير بين الرحمة والصلاة لقوله تعالى: {عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٥٧]. والقاعدة: أن العطف يقتضي التغاير. حينئذ لما عطفت الرحمة على الصلوات علمنا أن الرحمة مغايرة للصلاة وقد لا تكون المغايرة من كل وجه وإنما قد تكون من بعض الوجوه دون بعض، وكذلك يجوز سؤال الرحمة لكل مسلم بالإجماع اللهم ارحم زيدًا سواء كان حيًّا أو ميتًا جائز أو لا؟

جائز بالإجماع لا خلاف، إذًا مشروعية سؤال الرحمة لكل مسلم جائزة بالإجماع والصلاة جائز أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>