للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا قوله: (فِيْ مُهْتَدٍ وضَدِّهِ). هذا تفصيل وتفسير لقوله: (كالمَوْتِ وكالحَيَاةِ). لكنه على اللف والنشر غير المرتب لأنه قال: (وذَاكَ). أي: التشبيه المذكور كالموت المستعار لضد المهتد، الذي ذكره ثانيًا في البيت الثاني (وكالحَيَاةِ) المستعارة في مهتد وهذا إشارة إلى قوله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: ١٢٢]. هذا مثال للاستعارة عندهم {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} أي: ضالاً فهداه {مَيْتاً} أي: ضالاً {فَأَحْيَيْنَاهُ} الموت هو الموت أليس كذلك هل الضال ميت؟ الجواب: لا، ليس بميت بمعنى أنه فاقد الروح، وإنما حصل التشبيه كما سيأتي. أي: ضالاً فهديناه. فاستعير لفظ الموت للضلال والكفر، ولفظ الإحياء {فَأَحْيَيْنَاهُ} {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} أحييناه هذا فعل والإحياء للإيمان والهداية بجامع عدم الفوز في الأول الذي هو استعارة الموت بالضلال والفوز بالثاني وهو استعارة الإحياء للإيمان والهداية، إذا أردنا تفصيل هذه الاستعارة أو بيان كيف وقعت الاستعارة هنا فنقول: شبه الضلال بالموت. هذا أولاً، لأنه مبني على التشبيه شبه الضلال بالموت بجامع ماذا؟ بجامع عدم الانتفاع لما هو سبب السعادة الدنيوية والأخروية، إذًا أصل التركيب ما هو؟ الضلال كالموت زيدٌ كالأسد الضلال كالموت، ثم حذف المشبه وهو؟ أين المشبه والمشبه به قولوا معي: الضلال كالموت. أما قلنا: الاستعارة أصلها تشبيه؟ كيف حصل التشبيه هنا؟ الأصل الضلال كالموت بجامع ماذا؟ عدم الانتفاع، قال: حذف المشبه وهو الضلال واستعير اسم المشبه به وهو الموت على طريق الاستعارة التصريحية فحينئذٍ قوله: الضلال. هذا مشبه (كالمَوْتِ) الموت هذا مشبه به حذف المشبه واستعير لفظ المشبه به للمحذوف الذي هو الضلال إما بادعاء أنه عينه أو أن الضلال فرد من أفراد الموت {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً} يعني: ضالاً. كيف عبر بالميت عن الضال؟ تقول: أصل الترتيب الضلال كالموت ثم حذف المشبه واستعير إعارة من باب العارية أعرني قلمك استعير لفظ المشبه به في الدلالة على ذلك المحذوف بادعاء ماذا؟ بادعاء أن المحذوف الضلال هو عين الموت أو أنه فرد لكنه فرد ادعائي وهذا معنى التنافي تنافي التشبيه كما أنه لم يكن تشبيه وهذا ينبني عليه معاني جليلة في القرآن حتى أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يُنْكِرُ المجاز لكنه إذا جاء في التفسير إلى بعض الآيات قال: وعلى القول بالاستعارة. ثم يفسرها يقول: هذا معنى ما أجمله. هكذا يقول. بناء على ماذا؟ أن المجاز يتألق في بعض المواضع هذا موجود في تفسيره في أوائل البقرة لو تسمع الشيخ قد يأتي ببعض المسائل وهو يشدد في مسألة المجاز رحمه الله لكنه يأتي يفسر القرآن على ما يراه أنه حقيقة ثم على قول المجازيين بأن في الكلام كناية واستعارة ثم يقول: ما أجمل هذا القول. أو هذا المعنى، معنى جليل لو لم تجر الكلام على الاستعارة حينئذٍ لا تستقي معنى يعني: يدل عليه لفظ بالحقيقة، وإذا قيل: الضلال كالموت. ليس هو كأن تدعي الضلال هو عين الموت عندما ترى كافرًا وتقول: هذا مَيْتٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>