للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: (الخَاتِمَةُ). هنا قال: لا بد قبلها من مقدمة. ثم قال: مقدمة. لم يقل المقدمة، وذكرنا أن الأولى أن يقول: المقدمة. بأل لأن إعادة النكرة نكرة مغاير وعلى القاعدة المشهورة فجرى على غير المشهور فأعاد النكرة نكرة، (وبَعدَها خاتِمَةٌ) ذكرها نكرة هنا قال: (الخَاتِمَةُ). بأل فأل هذه ما نوعها؟ للعهد الذكري لأنه أعاد النكرة معرفة والقاعدة أنه إذا أعاد النكرة معرفة فهي عين الأولى، وهناك أعاد النكرة نكرة والأصل أنها مغايرة فالمقدمة التي ذكرها بعد ذاك البيت ليست هي المقدمة التي أشار حينئذٍ يكون قد وعد بذكر مقدمة ولم يذكرها وقوله: (مُقَدِّمَةٌ). حينئذٍ نقول: هذا شيء آخر منفصل. لكن نقول: هذا من باب قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] فالثاني هو عين الأول.

(الخَاتِمَةُ) خاتمة الشيء آخره، يقال: خَتَمَ يَخْتِمُ من باب ضَرَبَ ومنه النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء يعني: آخر الأنبياء، به ختمت النبوة، وإذا ختمت النبوة استلزم ختم الرسالة. أليس كذلك؟ جاء خاتم الأنبياء ولم يرد أنه خاتم الرسل لأنه إذا نفي الأعم نفي الأخص ولا عكس.

اشتملت هذه الخاتمة (على أربعة أنواعٍ: الأسماءُ، والكُنَى، والأَلقابُ، والمُبْهَماتُ) على طريقة أهل الحديث (الأسماءُ) جمع اسم والمشهور عند النحاة أنه ما ليس بكنية ولا لقب لأن الْعَلَمَ عند النحاة مُقَسَّم إلى ثلاثة أقسام أو مُقَسِّم إلى ثلاثة أقسام: عَلَمٌ اسم، وكنية، ولقب.

وَاسْمَا أَتَى وَكُنْيَةً وَلَقَبَا ... وَأَخِّرًَنْ ذَا إِنْ سِوَاهُ صَحِبَا

واسمًا أتى يعني: العلم. اسم يعين المسمى مطلقًا ثم قسمه.

قال: واسمًا أتى وكنية ولقبا.

الكنية: ما صُدِّرَ بأبٍ أو أمٍّ على المشهور، وسيأتي نقضه ما صُدِّرَ بأبٍ أو أمٍ ونحوهما.

واللقب: ما أشعر بمدحٍ أو ذمٍ، ما أشعر بمدح كزين العابدين أو ذمٍ كأنف الناقة أنف الناقة اسم قبيلة هذا.

والاسم: ما ليس بكنية ولا لقب.

إذًا القسمة ثلاثية، فلما نفى كونه كنية وكونه لقبًا حينئذٍ تعين كونه اسمًا، وقد يكون مفردًا وقد يكون مركبًا، فإذا سمي بزيد نقول: هذا اسم. عبد الله هذا اسم، أبو زيد أبو عبد الله نقول: هذا كنية. أم عبد الله نقول: هذا كنية. أنف الناقة نقول: هذا لقب. زين العابدين نقول: هذا لقب. لو سمي به بالكنية ابتداءً وضعوه أول ما ولد المولود سمي بأبو عبد الله، هل نقول: اسم أم كنية؟ اسم فكيف نقول في ضابط الكنية ما صُدِّرَ بأبٍ أو أمٍّ؟

لأنه قد يكون كنيته اسمه، قد أول ما يولد هذا موجود يسمى ماذا؟ يسمى أبو عبد الله أو يسمى أبو الدرداء كما هو صاحبنا، اسمه أبو الدرداء علمًا مع كونه ماذا من يسمعه أول ما يسمعه يظن أنه كنية، أم كلثوم هذه الصحابية اسمها بالكنية حينئذٍ لا بد من وضع قيد باعتبار كونه أولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>