للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوصفية العارضة]

وقوله: (وصف أصلي) خرج به ما إذا كان الوصف عارضاً أي: غير أصلي، فإنه يلغى ولا يعتبر ويرجع إلى الأصل، فإذا وجدنا اسماً على وزن (أفعل) عرضت له وصفية وأصله ليس للوصف، فإنه لا يمنع من الصرف اعتباراً بأصله، ولهذا قال رحمه الله: [وألغين عارض الوصفية كأربع وعارض الإسمية].

كلمة (أربع) وصف، تقول: مررت بنساء أربع، فهذا وصف لهن، أي: بالغات هذا العدد، لكن لما كان أصل أربع ليس وصفاً؛ لأن أصل (أربع) اسم لهذا العدد الذي بين الثلاث والخمس.

هذا الأصل في أربع، فالوصف فيه عارض تقول: اشتريت أربع شياه، فهنا ليس وصفاً وتقول: مررت بنساء أربع، فصار الآن وصفاً، فالأصل فيه الاسمية، أي: أنه اسم لعدد يكون بين الثلاثة والخمسة، وابن مالك يقول: (ألغين عارض الوصفية) ولا تعتبره، وعليه تكون (أربع) مصروفة؛ لأنها ليست وصفاً أصلياً، فتقول: مررت بنساء أربعٍ، واشتريت شياهاً أربعاً، فلم نصرفها؛ لأن الوصف فيها عارض.

قوله: (وعارض الإسمية) أيضاً ألغ عارض الاسمية واعتبر الوصف الأصلي، وهذا عكس المسألة، يعني: كما أنه لو وجد وصف على وزن أفعل ثم عرضت له الاسمية فإننا نعتبر الأصل ولا نعتبر الاسم، مثاله كما قال: [فالأدهم القيد لكونه وضع في الأصل وصفاً انصرافه منع].

الأدهم: مبتدأ.

وانصراف: مبتدأ ثان.

ومنع: خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول أي: فالأدهم انصرافه منع، وكلمة (الأدهم) هي وصف مثل: أخضر وأبيض وأزرق، لكنه وضع اسماً للقيد، وقد سبق لنا في البلاغة قول الحجاج: إنا حاملوك على الأدهم، فقال المهدَّد: مثل الأمير يحمل على الأدهم والكميت والأشقر.

والمراد بالأدهم: القيد، والقيد لونه أبيض فيسمى أدهم، فالأدهم في الأصل وصف، لكنه جعل اسماً للقيد سواء كان أدهم أو غير أدهم.

إذاً: اسميتها عارضة، فيعتبر الأصل، ولهذا قال: (فالأدهم القيد)، القيد هذا بيان للأدهم، أي: فالأدهم الذي هو القيد.

يقول المؤلف: (لكونه وضع في الأصل وصفاً انصرافه منع)، قوله: (لكونه في الأصل وصفاً) متعلق بمنع، أي: فالأدهم القيد انصرافه منع لكونه في الأصل وصفاً.

وخلاصة الأبيات الثلاثة: أنه إذا اجتمع وصف أصلي، على وزن أفعل، ليس مؤنثة مختوماً بالتاء، فإنه لا ينصرف، والعبرة بالأصل، فلو كان أصله اسماً ثم جعل وصفاً فإنه ينصرف، ولو كان في الأصل صفة ثم جعل اسماً فإنه لا ينصرف، فالعبرة بالأصل.

ومثال الذي كان أصله اسماً ثم صار صفة: كلمة (أربع)، ومثال الذي أصله صفة ثم جعل اسماً: (الأدهم)، فإنه في الأصل صفة، ثم جعل اسماً للقيد، فالأدهم ممنوع من الصرف وإن لم يرد به الصفة؛ لأن الأصل أنه للصفة، والأربع مصروفة وإن جعلت صفة اعتباراً بالأصل.