للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَبٍ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا امْرَأَةٌ بَذِيئَةٌ (١)، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَكَ، فَلَوْ قُمْتَ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي" فَجَاءَتْ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، قَالَ: لَا، وَمَا يَقُولُ الشِّعْرَ، قَالَتْ: أَنْتَ عِنْدِي مُصَدَّقٌ، وَانْصَرَفَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ تَرَكَ؟ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا، لَمْ يَزَلْ مَلَكٌ يَسْترنِي عَنْهَا بِجَنَاحِهِ" (٢).

وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّي رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مذَمَّمًا ثُمَّ يَسُبُّونَهُ، فكَانَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "ألَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ ولَعْنَهُمْ، يَشْتُمُونَ مُذَمَّمًا، ويَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وأنَا مُحَمَّدٌ" (٣).

قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: كَانَ الكُفَّارُ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ شِدَّةِ كَرَاهِيَتَهِمْ فِي النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يُسَمُّونَهُ بِاسْمِهِ الدَّالِّ عَلَى المَدْحِ فَيَعْدِلُونَ إِلَى ضِدِّهِ، فَيَقُولُونَ مُذَمَّمٌ، وَإِذَا ذَكَرُوهُ بِسُوءٌ قَالُوا: فَعَلَ اللَّهُ بِمُذَمَّمٍ، وُمذَمَّمٌ لَيْسَ هُوَ اسْمُهُ، ولا يُعْرفُ بِهِ فكَانَ الذِي يَقَعُ مِنْهُمْ في ذَلِكَ مَصْرُوفًا إِلَى غَيْرِهِ (٤).

* شِدَّةُ عَدَاوَةِ أَبِي لَهَبٍ لِلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

أَمَّا زَوْجُهَا أَبُو لَهَبٍ فَقَدْ بَلَغَ مِنْ أمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ يَتْبَعُ رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي


(١) البذيء: الفاحش من الرجال، والأنثى: بذيئة. انظر لسان العرب (١/ ٣٥٠).
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب التاربخ - باب المعجزات - رقم الحديث (٦٥١١).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب ما جاء في أسماء رسول اللَّه الحديث (٣٥٣٣) - وأخرجه الإمام أحمد في السند - رقم الحديث (٧٣٣١).
(٤) انظر فتح الباري (٧/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>