للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير ذلك أمضاه والأصل أن القضاء متى لاقى فصلا مجتهدا فيه ينفذ ولا يرده غيره؛ لأن اجتهاد الثاني كاجتهاد الأول، وقد يرجح الأول باتصال القضاء به، فلا ينقض بما هو دونه، ولو قضى في المجتهد فيه، مخالفا لرأيه، ناسيا لمذهبه، نفذ عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وإن كان عابدا، ففيه روايتان،

ــ

[البناية]

غير ذلك أمضاه) ش: أي غير ما قضى به الأول، إنما ذكر لفظ " الجامع الصغير " بهذا للفظ؛ لأن فيه فائدتين:

إحداهما: أنه قيد بالفقهاء؛ لأن القاضي إذا كان غير عالم بموضع الاجتهاد، فاتفق قضاؤه، فعلى قول عامة المشايخ لا يجب على الثاني تنفيذه. كذا ذكره في " فصول الاستروشيني " - رَحِمَهُ اللَّهُ - محالا إلى " المحيط ". وفي " الذخيرة ": لا ينفذه المدفوع إليه على قول العامة.

والفائدة الثانية: أنه قيد بقوله يرى غير ذلك، ففي رواية القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لم يتعرض بذلك فيحتمل أن قوله أمضاه فيما إذا كان رأي القاضي موافقا لحكم الأول، فإذا كان مخالفا لا يمضيه، فأبانت رواية " الجامع " بأن ذلك الإمضاء عام، فيما سوى المستثنيات، سواء كان يوافق رأيه أو يخالفه؛ لأن الحكم لاقى مجتهدا فيه، ولا ينقضي باجتهاد آخر.

وقد صح عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قلد القضاء لأبي الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد كثرة اشتغاله، فاختصم إلى أبي الدرداء رجلان في شيء فقضى لأحدهما، ثم لقي عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المقضى عليه، فسأله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن حاله، فقال قضى علي، فقال عمر: لو كنت مكانه لقضيت لك، فقال المقضى عليه وما يمنعك من القضاء فقال عمر: ليس هنا نص والرأي مشترك، ويروى أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - استعان بزيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقضى زيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بين رجلين ثم لقي عمر أحد الخصمين، فقال: إن زيدا قضى علي، والباقي نحوه، وعن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قضى في حادثة بقضية، ثم قضى فيها بخلاف ذلك، فقيل له في ذلك فقال تلك كما قضيناه هذه كما نقضي.

م: (والأصل) ش: أي في تنفيذ القاضي ما رفع إليه إذا لم يكن مخالفا للأدلة المذكورة م: (أن القضاء متى لاقى فصلا مجتهدا فيه) ش: وفي بعض النسخ: محلا مجتهدا فيه م: (ينفذ ولا يرده غيره؛ لأن الاجتهاد الثاني كاجتهاد الأول) ش: في أن كلا منهما يحتمل الخطأ م: (وقد يرجح الاجتهاد الأول باتصال القضاء به، فلا ينقض بما هو دونه) ش: درجة، وهو لم يتصل القضاء به م: (ولو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه) ش: حال كونه م: (ناسيا لمذهبه، نفذ عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وإن كان عابدا ففيه روايتان) ش: وفي بعض النسخ: فعنه أي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - روايتان:

<<  <  ج: ص:  >  >>