للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحجر على السفيه ويمنع من التصرف في ماله لأنه مبذر ماله بصرفه لا على الوجه الذي يقتضيه العقل فيحجر عليه نظرا له اعتبارا بالصبي بل أولى، لأن الثابت في حق الصبي احتمال التبذير وفي حقه حقيقته، ولهذا منع عنه المال. ثم هو لا يفيد بدون الحجر لأنه يتلف بلسانه ما منع من يده. ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه مخاطب عاقل، فلا يحجر عليه اعتبارا بالرشيد،

ــ

[البناية]

وأحمد رحمهما الله م: (يحجر على السفيه ويمنع من التصرف في ماله) ش: كالبيع والشراء والإجازة ونحوهما مما يحتمل الفسخ، وأما التي لا يحتمله فلا يحجر فيه كالطلاق والعتاق والإقرار بالحدود والقصاص.

م: (لأنه مبذر) ش: أي لأن السفيه مبذر م: (ماله بصرفه لا على الوجه الذي يقتضيه العقل) ش: وكل من هو كذلك م: (فيحجر عليه نظرا له اعتبارا بالصبي) ش: حيث يحجر عليه م: (بل أولى، لأن الثابت في حق الصبي احتمال التبذير وفي حقه) ش: أي وفي حق السفيه م: (حقيقته) ش: أي حقيقة التبذير م: (ولهذا منع عنه المال) ش: أي ولأجل وجود حقيقة التبذير فيه منع عنه أي عن السفيه المال بالنص بقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] (سورة النساء: الآية ٥) .

م: (ثم هو) ش: أي منع المال م: (لا يفيد بدون الحجر لأنه يتلف بلسانه ما منع من يده) ش: بأن يبيع ماله بالغبن الفاحش فيؤدي ذلك إلى إتلاف ماله، قيل: هذا الذي ذكره في الدليل إنما يصح على قولهما، وأما على قول الشافعي، فلا يصح، لأن حجر السفيه عنه بطريق الزجر والعقوبة عليه والفائدة تظهر فيما إذا كان السفيه مفسدا في دينه مصلحا في ماله كالفاسق، فعنده يحجر عليه زجرا وعقوبة ولا يحجر عليه عندهما.

قلت: لا نسلم أن الشافعي يرى ذلك بطريق الزجر والعقوبة فقط، بل يراه بهذه الطريقة وبطريقة ما قالا أيضا، فإن عنده يجوز الحجر بما جاز أو به، وفي الفسخ أيضا وهما لا يريانه بالفسق، فحينئذ ما ذكره من الدليل يصح على قولهما، وعلى قوله أيضا فيما اتفق معهما فيه، فافهم.

م: (ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه) ش: أي أن السفيه م: (مخاطب عاقل) ش: وفي هذا الوصف إشارة إلى أهلية التصرف، لأن التكليف يقتضي التمكن من الاستيفاء جريا على موجب التكليف، والاستيفاء إنما يكون بالوصول إلى الأموال وذلك بالتمليك والتملك وبالعقل يثبت أهلية التمييز والشرع جعل الرشيد بسبيل من التصرفات تمليكا وتملكا لهذا المعنى، وأنه موجود في حق السفيه لأنه مكلف عاقل كالرشيد م: (فلا يحجر عليه اعتبارا بالرشيد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>