للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

بعضهم لأبي حنيفة بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا إن الذكاة في الحلق واللبة» بين أن جنس الذكاة في الحلق واللبة لأنه ذكرهما بلام التعريف. ولا معهود إن كان لتعريف الجنس. فلو حل الجنين بدون ذكاة في اللبة والحلق لا يكون الجنس منحصرا فيه.

وقال ابن حزم: لا يترك نفس القرآن وهو قوله سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] وقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] بالخبر المذكور، واختار في ذلك قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - واختاره أيضا زفر والحسن بن زياد كما ذكرناه.

وبهذا قال ابن المنذر، ولم يرو عن أحد من الصحابة والتابعين وسائر العلماء أن الجنين لا يؤكل إلا بإنشاء الذكاة فيه، إلا ما روي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولا أحسب أن أصحابه وافقوه عليه، وكيف يقول هذا وقد وافقه من أصحابه زفر والحسن بن زياد وقال به إبراهيم النخعي كما بينا.

فإن قلت: لم لا يجيب المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن الحديث.

قلت: قال صاحب " العناية ": لأنه لا يصح الاستدلال، لأنه يروى ذكاة أمه بالرفع والنصب فإن كان منصوبا فلا إشكال أنه شبيه، وإن كان مرفوعا فكذلك، لأنه أقوى في التشبيه من الأول.

وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: والمراد من الحديث التشبيه لا الإنشاء أي ذكاة الجنين كذكاة أمه كقول الشاعر:

فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... ولكن عظيم الساق منك دقيق

أي عيناك شبيهة بعيني الجنية، ولولا المراد به بما قالوا لقال: " ذكاة الأم ذكاة الجنين " كما يقال: لسان الوزير لسان الأمير، وإن كان يحتمل ما قاله أو يحتمل ما قلنا أيضا فكان من المشترك، فلا يبقى حجة.

قلت: قول صاحب " العناية ": روي ذكاة أمه بالرفع والنصب فيه نظر لأن الحافظ المنذري قال: فإن قلت: ما يقول في رواية أبي داود في حديث أبي سعيد الخدري - رَحِمَهُ اللَّهُ - أي الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>