للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن هذا القياس ترك في الماء للضرورة، ولهما أن المائع قالع والطهورية في الماء بعلة القلع والإزالة والنجاسة للمجاورة،

فإذا انتهت أجزاء النجاسة يبقى طاهرا

ــ

[البناية]

(إلا أن هذا القياس ترك في الماء للضرورة) ش: هذا جواب عما أورد على ما قاله محمد تقرير الإيراد أن يقال: إن الذي قلته هو القياس في الماء أيضاً وينبغي أن لا يجوز إزالة النجاسة بالماء أيضاً.

وتقرير الجواب أن الحكم في الماء ثبت بخلاف القياس؛ لأجل الضرورة وللنظافة وسرعة اتصاله. وسائر هذه المائعات لا نص فيها فبقي على أصل القياس يؤيده قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اغسليه بالماء" فلا يجوز بغيره لأن الأمر للوجوب، ولأن الله تعالى ذكر الماء في معرض الامتنان والإنعام فقال: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: ١١] (الأنفال: الآية ١١) ، فدل على اختصاص الطهر به، ولأن النجاسة الحقيقية تمنع جواز الصلاة فلا تزول بغير الماء قياسا على النجاسة الحكمية.

م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أن المائع قالع) ش: من قلع الشيء واقتلعه إذا أزاله من موضعه من باب فعل يفعل بالفتح فيهما، وكانت العلة في الماء الإزالة م: (والطهورية في الماء بعلة القلع والإزالة) ش: وغير الماء كالخل يشاكله في الإزالة بل أولى وأقوى: لأن الخل أقلع للنجاسة من الماء لأنه يزيل اللون والدسومة لما فيه من الشدة والحموضة، وفي الألوان ما لا يزول بالماء وماء الورد يزيل العين والرائحة.

م: (والنجاسة للمجاورة) ش: هذا جواب عن استدلال محمد ومن معه بقولهم: لأن الماء [يتنجس] بأول الملاقاة، تقديره: أن النجاسة لم تنجس المحل بعينه بل كانت للمجاورة وإن كانت نجسة بأول الملاقاة.

م: (فإذا انتهت أجزاء النجاسة) ش: بانتهاء أجزائها المتناهية لتركبها من جواهر لا يتجزأ م: (يبقى) ش: أي المحل م: (طاهراً) ش: لزوال النجاسة بالعصر، لأنه إذا عصر يخرج منه ويصحبه ما يلاقيه من أجزاء النجاسة هكذا في المرة الثانية والثالثة إلى أن يزول محل الأجزاء فيبقى المحل طاهراً لانتقال النجس إلى الماء جزءاً فجزء، لأن الشيء الواحد محال أن يكون في محلين في حالة واحدة، والحكم إذا ثبت لمعنى يزول بزوال ذلك المعنى، ولهذا لو قلع محل النجاسة بقي الثوب طاهراً.

وقال الأكمل: لا يقال التعليل بالقلع لا يجوز، لأن النص يقتضي الغسل بالماء، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اغسليه بالماء"، قلت: هذا السؤال للأترازي، وتقرير الجواب أن يقال: إن اقتضاء النص الغسل بالماء لذاته أم لغيره؟

<<  <  ج: ص:  >  >>